Advertise here

باسيل.. ما له وما عليه

29 نيسان 2020 16:03:54

لم يسبق أن شهد لبنان مثل هذه الصعوبات التي يعيشها اليوم، فهو وسط عاصفة سياسية ومالية ووبائية تهدد مصيره، ويبدو رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل داخل حلقة النار، لما يمثله في موقع اتخاذ القرار، ولما له من دور في ترتيب الهندسات غير العادية التي حصلت في السنوات الماضية وأدت الى ما وصلت اليه الأمور في بلاد الأرز المنكوبة.

من المؤكد أن باسيل لا يتحمل مسؤولية كل الانهيار الذي حصل، كما من المؤكد أيضا، أن باسيل يحارب بسلاح غيره في المنازلة الكبرى مع أخصامه، ولولا حزب الله، لكان باسيل الحلقة الأضعف في لوحة الفسيفساء اللبنانية.

ولكن سيف حزب الله الذي يستقوي به باسيل، هو مصدر ضعف له في آن واحد، ولا يمكن الركون اليه على المدى البعيد لأنه يشكل خطرا وجوديا على الدولة وعلى دور المسيحيين بالدرجة الأولى، كما لا يمكن اعتباره ثابتة قابلة للاستمرار، لأنه لا يمتلك مشروعية وطنية ودولية، وهو نتاج ظروف إقليمية ودولية قد تغيرها التطورات، والحزب مهدد بحصار عقائدي ومالي، والشركاء في الوطن يزدادون امتعاضا من سياسته التي أدت الى عزل لبنان، وهي لا تراعي الخصوصية اللبنانية على الإطلاق.

لباسيل حق الدفاع عن نفسه في اعتباره أن الانهيار ناتج عن سياسة 30 سنة ماضية، كما له حق في الاستفادة من الفرص التي أتيحت له في ترتيب التسويات التي أوصلت عمه العماد عون الى رئاسة الجمهورية، بدءا من توافقات باريس مع موفدين سوريين قبل عودتهم الى لبنان عام 2005، مرورا بتفاهم مار مخايل مع حزب الله عام 2006، وصولا الى تسوية العام 2016 في معراب ومع بيت الوسط، لكن ممارسة هذا الحق الذي أوصله الى مركز القرار في البلاد، يفرض عليه تحمل مسؤولية الجزء الأساسي مما حصل، وبالتالي فلا يمكن له أن يعفي نفسه من تباعات الكارثة المالية والسياسية التي تواجه لبنان.

وباسيل ومستشاريه مسؤولين عن صرف 52 مليار دولار على الكهرباء في وزارة الطاقة على مدى 9 سنوات من الأموال التي استدانتها الدولة من مدخرات المواطنين في البنوك.

وباسيل الذي مارس نفوذا واسعا على المرافق العامة من خلال حضوره الوزاري والنيابي ومن ثم الرئاسي، يعرف أن المرحلة التي سبقت عودته مع الجنرال عون عام 2005 كان فيها حليفهم أميل لحود رئيسا للجمهورية لمدة 9 سنوات، وهو جاء بإرادة سورية معلنة، ومارس أقصى أنواع التضييق الأمني والسياسي على من يتهمهم باسيل بالمسؤولية عن هدر المال العام، خصوصا على الرئيس الشهيد رفيق الحريري وعلى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، ود.سمير جعجع كان حينها خلف قضبان الاعتقال. علما أن الدين العام الذي صرف بمعظمه على البنى التحتية، لم يكن يتجاوز 30 مليار دولار عام 2005، وقد تضاعف هذا الدين مرتين في الوقت الذي كان فيه باسيل شريكا أساسيا في السلطة التشريعية والتنفيذية ومن ثم تولى تياره رئاسة الجمهورية.

العناوين السياسية التي طرحها باسيل، تتطابق مع ما طرحه رئيس الوزراء حسان دياب قبل يومين، وبدا كأن هناك صياغة واحدة للنقاط التي أعلنت، خصوصا في التوجه نحو تحميل المسؤولية للمعارضين ولمصرف لبنان عن الانهيار المالي، علما أن باسيل رفض إعطاء الأولوية لإقرار قانون استقلال السلطة القضائية كمدخل جدي للمساءلة القانونية عن أي ارتكابات مالية، لأن المتهم الأول في الفساد وفي عزل لبنان، له اليوم سلطة على العدلية التي يفترض أن تحاسب الفاسدين، وفقا لما يقول مصدر في المعارضة.

نحج باسيل في استثمار الفرص التي فتحت أمامه، ولكن أولوياته حاليا تتركز على إبعاد التهمة عنه وعن حلفائه في انهيار الدولة، بينما المطلوب أن تكون هذه الأولوية العمل على إنقاذ البلاد وتأمين لقمة عيش للفقراء المنكوبين.