Advertise here

سنواجه سلمياً

29 نيسان 2020 15:00:58

مع اقتراب عيد تأسيس الحزب التقدمي الإشتراكي، وسوء الوضع الراهن ميدانياً على كافة الأراضي اللبنانية، تزداد حملات التخوين بملاحقة الزعيم الوطني وليد جنبلاط، من كافة الاتّجاهات وأبرزها من جماعة السلطة وأقلام الممانعة...

أود، ومع هذه المصادفة لهذين الحدثين، أن أسترجع وإيّاكم مقتطفات من تاريخ هذا الحزب، وبعضاً من مبادئه كردٍّ مبسطٍ على كلّ ما قيل وقال، ولكل إصبع اتّهامٍ وجِّه لهذا الحزب، ورئيسه، ومحازبيه، ومناصريه.

تأسّس الحزب التقدمي الإشتراكي في الأول من أيار عام 1949، في يوم العمال العالمي، والذين وصفهم كمال جنبلاط في خطابه التأسيسي للحزب بأنهم الذين يستقبلون بصدورهم شمس الحياة... وذلك في جلسةٍ أسماها البعض جلسةَ شاي برجوازية. وحَضَر الجلسة كلٌ من:
-كمال جنبلاط - مُجاز في القانون، ونائب في البرلمان اللبناني.
-فريد جبران - مدقّق حسابات، ونائب في البرلمان اللبناني.  
-ألبرت أديب - صاحب مجلة "الأديب".
-عبدالله العلايلي - باحث ومؤلف، وخرّيج جامعة الأزهر.
-فؤاد رزق - مُجاز في القانون. 
-جورج حنا - طبيب.

وأعلنوا في ذلك اليوم تأسيس هذا الحزب الذي أحدث ضجّةً على عكس التوقّعات، فاتّقَدت شعلة هذا الحزب، وخرج بها الرفاق إلى الميادين والساحات، وحملتها السواعد العماليّة من منطقة لأخرى. 

وتحت زعامة كمال جنبلاط، انضمّ هذا الحزب إلى الحركة الوطنية اللبنانية والتي ضمَّت أحزاباً أخرى لَعِبَت دوراً كبيراً في مواجهة أعداء الداخل والخارج الذين كانوا على تفاهمٍ متواصل معهم. أسقطت هذه الحركة ما عُرف آنذاك باتّفاق السابع عشر من أيار، وطردت الاحتلال من غالبية المناطق، وأعادت التوازن السياسي إلى المعادلة السياسية الداخلية. كان انتصاراً كاملاً استثنائياً في تاريخ الصراع العربي- الإسرائيلي، ممّا جعل العدو الإسرائيلي يعاني ويندحر أكثر وأكثر، مما اضطّره للبحث عن حليف داخلي يسانده في الإستيلاء على لبنان.

دعوني أتوقف عند هذا كردٍّ على كل من يتّهم هذا الحزب بالعمالة مع العدو، أو التشكيك بعروبيّة انتمائه من جهة، وعلى كل من يَنسِب هذا الحزب للطائفة الدرزية الكريمة فقط، من جهةٍ أخرى.

بعد استشهاد المعلّم عام 77، تسلّم وليد جنبلاط زِمام الأمور في أجواء مشنّجة ونفوسٍ مشحونة إثر إغتيال أبيه، ولكنه تفوّق بحنكته ودهائه السياسي على الظروف الراهنه آنذاك. وأكمل دربه مواجهاً العنصريّين، والحاقدين، والطامعين للخروج من مستنقعات الطائفية السياسية، والوصول لبلدٍ علماني ديمقراطي. ولأن هذا الدرب لا يتلاقى مع طموحات المشاريع الاستعمارية، ومشاريع الإلغاء، كاد التاريخ أن يعيدَ نفسهُ عند محاولة اغتيال الابن البار في بيروت 1983 في منطقة الصنايع، باستخدام سيارة مفخّخة لولا تدخّل العناية الإلهية.

مع ذلك، ضمّدَ الوليد جِراحَهُ وأكمل سيره على درب الكمال، حاملاً مبادئه في فكرٍ عاقلٍ، وشجاعتهِ في يدَي مقاتل.

وهنا دعوني أستوضح معكم المبادئ والمشاريع التي خطّها كمال جنبلاط عند تأسيسه للحزب، والمعارك التي خاضها بوجه مشاريع التقسيم، وتقديم الحلول على كافة الأصعدة للحفاظ على هيبة الدولة ووجهها الحضاري، والتي ما زال هذا الحزب بقيادته الحكيمة يكافح ويصارع من أجلها، هي ذاتها مطالب ثورة 17 تشرين التي انطلقت بفعل غضب الشارع.

مع انطلاق هذه الثورة، دخل لبنان تحت شعار "كلن يعني كلن" مرحلة الفوضى. قُرِعت الطناجر وسط حشودٍ من الشعب اللبناني والتي اجتاحت كافة الساحات والمناطق اللبنانية بدءاً من ساحة الشهداء إلى النبطية، وصيدا، وصور، وطرابلس، وأوتوستراد الزلقا... وصولاً إلى بعلبك. وتزامناً مع هذا الحراك، ظهر بعض الأقزام الوصوليّين، والأقلام المأجورة، وأتباع الممانعة باستغلالهم المعيب لمعاناة الشعب بركوبهم موجة الثوار.

وكان الحزب التقدمي الإشتراكي رافضاً منذ تولي هذا العهد للسلطة في لبنان، جميع سياساته القمعية والمخابراتية، وانهالت عليه جميع أنواع التهم الزائفة التي سقطت أمام الرأي العام والقضاء لافتقار البراهين والإثباتات، لا بل كانت حافزاً لهؤلاء التجّار للتصعيد وخلق الفِتَن ضمن البيت الواحد ومحاولة التضييق على وليد جنبلاط ومحاصرته، ولأن الله حق... باءت محاولاتهم بالفشل. فكان لهم بالمرصاد، وبعقلانيّته وحكمته امتصّ غضب الشارع، وساعد بتقديمه، عبر كتلة اللقاء الديموقراطي برئاسة تيمور جنبلاط، عدّة مشاريع إصلاحية وقوانين مقترحة جوبهت بالرفض لعدم استيفائها شروط السمسرة والنهب التي استرسل أزلام السلطة في فرضها على كل المقترحات الإنشائية ليكونوا هم المستفيدين الأوائل. 

من هنا يجب على هؤلاء الكفّ عن المزايدة في الوطنية علينا كوننا السبّاقين في رفض الظلم والاستبداد. وعبّر الحزب عَبْر منظمة الشباب التقدمي في مسيرة 14 تشرين عن رفض هذا النظام البوليسي القمعي، والحكم الفاسد. ولأن الحزب الإشتراكي الذي تزامن تأسيسه مع يوم العمال العالمي، وليس مصادفةً، فقد تضاعفت مسؤوليّاته تجاه الطبقة الكادحة في المجتمع اللبناني، وبات مقروناً بحياة العمّال والفلاحين، يدافع عن حقوقهم ويناضل من أجل كراماتهم. وها نحن مجدداً نقف كرأس حربةٍ في وجه أي مساسٍ بحقوق الشعب، كون البلد لا يقوم إلاّ بمواطن حر وشعب سعيد. 

وقد حلّت علينا لعنة الوباء المستجد "كورونا"، وحلّ معها خُبث النوايا والحقد الدفين عند الكثيرين من أصحاب العقول البالية، والنفوس المريضة، أيضاً بمحاولة فاشلة لاتّهام الزعيم بالسرقة والفساد، وأيضاً دون الدلائل والبراهين، لا بل بذات اللهجة المليئة بالحقد والكراهية. ومجدداً، كان وليد جنبلاط رجل المواقف، والإنسانية، والشهامة، والكرم. 

وها نحن اليوم، نَقِف حذرين، نترقّب ونَعملُ بجدٍّ لمواجهة ما هو أعنف من ثورة 17 تشرين، وأخطر من كوفيد 19. فهذا الحلف الحاكم، وباءٌ بأمِّ عينه، وينتشر في كلّ المناطق اللبنانية، ويسود الجهل معه والتعصُّب حيثما وُجِد.

فلهؤلاء نقول، وبالفم الملآن، لن تنالوا من هيبة هذا الحزب، وتاريخ هذا الحزب، ومستقبل هذا الحزب. نحن كتّاب التاريخ، صانعو الأمجاد، وبنّاؤا هذا الوطن... وأنتم بهويّةٍ زائفة، حاضِرَكم أسوأ من تاريخكم، ومستقبلكم شارف على نهايته قبل أن يبدأ حتّى.

فاعلموا جيّداً، كما قال وليد جنبلاط، في الأمس القريب، بأننا سنواجه بالفكر والسلم جميع التحديات، ولن ننجرّ حيث تريدون. لن نخضع لبطشكم. لن نتغاضى عن فسادكم. ولن ترهبنا تهديداتكم. نحن شعبٌ لم ولن نركع يوماً إلاّ في حضرة اللّه عزّ وجلّ. ستبقى رايتنا عالية، وهامتنا مرفوعة، وستبقى المبادئ مبادئ، والرجال رجالا. النصر للحزب.

*هذه الصفحة مخصّصة لنشر الآراء والمقالات الواردة إلى جريدة "الأنبـاء".