Advertise here

البلاغ رقم 73 من خطة التدجين

27 نيسان 2020 21:18:45

إن الكذب، والاحتيال، والتدليس، كان السبب في غياب سلسلة الصدق والعدل، المتدلية من السماء، يوم حلف كاذباً وبالحيلة، أنّه قد سلّم دَينه إلى داِئنه عندما وضع المال المدين به في عصاه، ولحظة حلفانه سلّم عصاه للدّائِن، فضاع حق الدّائِن بدَينه زوراً وبهتاناً. ومنذ ذلك اليوم وإلى يومنا هذا غابت سلسلة الصدق والعدل، ولم تعد. لكن الكاذب المحتال عادَ وهو موجودٌ في كل زمنٍ، وفي زمننا هذا سائدٌ. نهبَ وينهب مال العباد ويحاضِر بالعفة.

بئسَ هذا الزمن الذي بات فيه الفاسد المستبيح لأموال الشعب يتكلّم بالإصلاح والتغيير بكل وقاحة، ويقيم الحد، وينصب الميازين، وباطله بائن، وعدله فاسد، ومجرّد ورود اسمه في الداخل، أو في المحافل الدولية يصرخ الجميع دون استثناء مُعرِّفاً عنه بأنه نكبة لبنان.

ليس هذا فحسب، بل أصبح له جنودٌ وأعوان يأتمرون بأمره، ينفّذون منهجه، ويتغنّون بإنجازاته، ويهلّلون لكبير فساده، ويشتمون الصدق وأهله، ويشكّلون طاقماً من الدُمى يظهرونهم   

على أنهم حكّاماً، وهم محكومون لأمرهم، ينفّذون أهدافهم المتعدّدة والمكمّلة لخططهم في السيطرة على المقوّمات الاقتصادية والسياسية لهذا البلد.

كفاكم تدجيلاً، فطريق الإصلاح واضحةُ المعالم، وخطة الإنقاذ معروفة لا يختلف عليها الخبراء المختصّون، ولا القادة الحقيقيون، ولا رجال الدولة الحريصون على استمرارية المؤسّسات، وبقاء السيادة والكيان.

فالذي يريد الإنقاذ والإصلاح يعمل على وقف الهدر في الكهرباء، ولا يعرقل تعيين الهيئة الناظمة لها، ولا يسيّب الحدود لتهريب الدولار وغيره من لبنان إلى الخارج لمصالح أسيادهم الإقليميين، ولا يتدخّل بالتشكيلات القضائية بشكلٍ فاضحٍ ومريب، ولا يوقّع مرسوم تعيين كتّاب العدل إلّا بعد كسره للمفهوم القانوني للنجاح عبر المباريات، وذلك لإرضاء مصالحه الشخصية. مَن يريد الإصلاح لا يُطلِق الصرّافين في السوق السوداء ليبيعوا ويشتروا بالدولار، وهدفُه واحدٌ واضح: إفقاد العملة اللبنانية قيمتها الشرائية، واللعب بلقمة عيش الفقير، ومن ثمّ إلقاء اللوم على حاكم مصرف لبنان، وتحميله النتائج، ووضعِه في مواجهة الشارع المضلَّل لإزاحته، وإقالته بقصد السيطرة على القطاع المالي، وتمهيداً لتحقيق المخطّط التدميري الممنهَج بتغيير وجه لبنان الاقتصادي، وضرب القطاع الخاص، وصولاً إلى ضرب أي معارضٍ لسياستهم الجهنمية.

لقد حذّر الزعيم الوطني وليد جنبلاط، من الممارسات التي انتهجها هذا العهد منذ بدايته، وأشار في عدة أحاديث ومواقف إلى الخطر الداهم الآتي على السيادة والكيان، وطرح عدة مبادرات استباقية للحفاظ على ما تبقى من هذا البلد، فقوبلت مبادراته وطروحاته الإنقاذية والإصلاحية بحملات التخوين، والشتائم، والتحريض، والتهديد بإعادة البلد إلى زمن الحرب الأهلية، ونبش القبور، وتزكية الفتنة الطائفية.

واليوم جاء موقف غبطة البطريرك الماروني، الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، ليدقّ ناقوس الخطر، فهل سيُسمع؟؟ أم التخوين والتهديد من نصيبه أيضاً؟؟

فالسوابق ما زالت في ذاكرة اللبنانيين، وهي ليست مطمئنة، فالغرور، والاستكبار، والفساد، والقمع، والاستقواء بالقوى الظلامية سُنّة هذا العهد ودستور نهجه. والبلاغ 73 كان واضحاً صريحاً في إعلانه محافظة لبنان المطيعة، المدجّنة، والخالية من المعارضين الوطنيين المتمسّكين بالسيادة والكيان. وجاء المؤتمر الصحفي لجبران باسيل ليشكّل النسخة الأصلية للبلاغ الذي تمّ إلقاؤه بالوكالة، وليكرّس اللغة الخشبية التي كانت تُستعمل زمن الوصاية.

فيا بقايا عصر الوصاية، ويا أزلام أجهزة المخابرات الإقليمية الشعوبية: لبنان السيادة والكيان، لبنان الديمقراطية، والحرية، والاقتصاد الحر، باقٍ غير قابلٍ للتدجين ما دام فيه رجالٌ جبالٌ لا تنحني، ولقاؤهم معكم قريب، لنرى أي منقلبٍ يقلبون.

*هذه الصفحة مخصّصة لنشر الآراء والمقالات الواردة إلى جريدة "الأنبـاء".