Advertise here

لماذا كسر ظريف حظر كورونا وزار دمشق؟

21 نيسان 2020 15:35:00 - آخر تحديث: 21 نيسان 2020 19:11:31

حطّ وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، على عجل في دمشق، وظهر على الإعلام إلى جانب مستقبِله رئيس النظام السوري، بشار الأسد، وأعوانه مرتدين كمّامتهم، وملتزمين قوانين التباعد الاجتماعي الذي فرضته كورونا. زيارة ظريف، وهي الأولى منذ عامٍ تقريباً، وفق ما ذكرت وكالة مهر الإيرانية، أثارت تساؤلات حول جدواها وأهدافها في هذه الظروف العصيبة التي تمرّ بها إيران نتيجة تفشي وباء كورونا، وفي ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة بفعل العقوبات الأميركية والدولية عليها.

زيارة ظريف تأتي في الوقت الذي تهاجم فيه وسائل الإعلام الروسية، القريبة من الكرملين، النظام وتصفه بأنه غير قادر على القيام بأي نوع من الإصلاحات في ظلّ سيطرة المافيا داخله، والتي ترتبط بالأسد نفسه، وهي التي ليس لديها مصلحة في إيقاف الحرب والانتقال إلى عملية سياسية تعمل روسيا ما في وسعها لتحقيقها، ولمساعدة سوريا. هذه المؤشّرات الروسية على تغيير استراتيجيتها في سوريا جرّاء الممارسات السيّئة التي يقوم بها النظام في بعض المناطق التي استعادها بدعمٍ من موسكو، مثل درعا، والتي تهدّد صدقية المصالحات التي عقدتها روسيا، تجعل من الكرملين يدرك أن دعمه للأسد في المرحلة المقبلة غير مجدٍ، سيّما وأنه سيصطدم بمواقف رافضة من المجتمع الدولي، وبالتالي تسعى طهران لاستغلال هذه الفرصة.

مصادر دبلوماسية رجّحت، وبحسب ما نقلت وكالات عالمية أن يكون ظريف حاول التأكيد خلال زيارته على وجود ثقلٍ إيراني في سوريا يوازي الثقل الروسي، بالإضافة إلى التشديد على تمسّك طهران ببقاء الأسد في السلطة. فالإحباط الروسي من الأسد هو خبرٌ سار لإيران، وربما تكون هذه الزيارة هي الرسالة التي يريد الأسد سماعها، أي "لا تهتم لما تقوله روسيا. إيران معك".

الخارجية الأميركية علّقت على زيارة ظريف إلى دمشق، متسائلةً عن المساعدة التي قدّمتها طهران إلى رئيس النظام السوري بشّار الأسد. وكتبت المتحدثة باسم الخارجية، مورغان أورتيغاس، في تغريدةٍ على "تويتر": "منذ العام 2012، قدَّم النظام الإيراني أكثر من 10 مليارات دولار من أموال الشعب إلى بشّار الأسد. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: كم من الأموال المنهوبة قدَّمها مداهن المرشد (محمد جواد ظريف) لدمشق". وأضافت أورتيغاس في تغريدةٍ ثانية:" كل ما قدّمه النظام الإيراني إلى سوريا هو العنف، واللّا- استقرار".

وتابعت: "إذا كانت طهران مهتمةٌ فعلاً بصحة وسلامة الشعب السوري، فلتسحب عناصر الحرس الثوري وحزب الله، وكافة الميليشيات التي تقاتل تحت إمرتها من سوريا".

وبحسب "وكالة مهر الإيرانية للأنباء"، فإن الزيارة تناولت أيضاً العلاقات السورية- الإماراتية، مشيرةً إلى أن المساعدات التي تقدمها الإمارات لدمشق لها ثمنٌ يجب على دمشق أن تدفعه، وأضافت: "ربما يكون ذلك على حساب علاقة النظام مع إيران". واستطردت الوكالة قائلةً: "إن ذلك لن يحدث، وأهم شيء أن سوريا لم تقع في فخّ هذه الدول".

المصادر رأت أن زيارة ظريف لا تنفصل عما تشهده الخريطة السورية من متغيّرات، والتي تصدّرها الشمال السوري الخاضع لسيطرة فصائل المعارضة، إذ تأتي الزيارة في ظل مساعٍ إيرانية لكسر الهدوء في منطقة إدلب وريفها، خاصةً بعد تهميش الدور الإيراني في المنطقة من قِبل روسيا التي حاولت تكريس هيمنتها.
وسبق أن كشفت مصادر ميدانية من إدلب "للأنباء" أن، "الميليشيات الإيرانية تحشد في محيط إدلب، في خطوة لبدء عملٍ عسكري، ولخرق اتّفاق وقف إطلاق النار الموقّع في موسكو مؤخراً بين الرئيسَين التركي والروسي، رجب طيب أردوغان وفلاديمير بوتين.

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ردّ على زيارة ظريف بطريقة غير مباشرة، إذ حذّر في تصريح له من استمرار النظام السوري في انتهاك وقف إطلاق النار وقال، "سنجعله يدفع الثمن غالياً، ولن نسمح للمجموعات الظلامية بإفساد وقف إطلاق النار". وأضاف أن تركيا لا تزال ملتزمة بتفاهم 5 آذار مع روسيا بشأن إدلب، "لكنها في الوقت نفسه لن تتهاون حيال عدوان النظام، ولن نتسامح مع المنظمات الظلامية التي تقوم بأعمال استفزازية من أجل إفشال وقف إطلاق النار".

زيارة ظريف إلى دمشق أعقبتها غارات إسرائيلية على مواقع لميليشيات لبنانية، وعراقية، وأفغانية، موالية لإيران في البادية السورية، وفي منطقة حمص، وعددٍ من المواقع العسكرية حيث تناقلت وسائل التواصل السورية خبراً لم يتمّ تأكيده من مصادر موثوقة، أن الغارة الإسرائيلية استهدفت اجتماعاً قيادياً لضباطٍ من الميليشيات الإيرانية ومن النظام السوري، بحضور جنرال إيراني رفيع المستوى. وكانت إسرائيل قد عمّمت قبل أيام من زيارة ظريف شريط فيديو يتناول استهداف طائرة مسيّرة إسرائيلية لسيارة رباعية الدفع تابعةٍ لمسؤولٍ من حزب الله في منطقة جديدة يابوس، وذلك في رسالةٍ تحمل الكثير من المؤشرات.