Advertise here

مَن بعد Le Bristol؟

21 نيسان 2020 12:30:05

بالأمس أُسدِل الستار على واحد من أجمل الأمكنة في بيروت، حيث كُتِبت صفحات جميلة من تاريخ لبنان واستقلاله الثاني... فعندما نقول لقاء "البريستول"، أو "لقاء المعارضة"، أو "14 آذار"، و"ثورة الأرز"، أو "انسحاب الجيش السوري من لبنان"، نقول فندق البريستول... نعم أُقفِل نهائياً... وقبله أُقفِل "فندق الحبتور"، رغم أنه لم يأخذ هذه الضجة، لكننا شعورنا مع البريستول ربما يعود أقله نظراً لرمزيته الوطنية.

في هذا الفندق السبعيني ذي التراث، والأصالة، والأناقة، الذي كان مقصداً لرؤساء الدول، والنجوم، والمشاهير، ورجال السياسة والاعمال، ومركزاً راقياً في الشرق الأوسط لعقد المؤتمرات، والندوات، والاحتفالات، والاستقبالات، وكان من أبرز زواره الرئيس الفرنسي الراحل جاك شيراك... في هذا الفندق التاريخي التقت كل قيادات 14 آذار وقامات وطنية، أبرزها وليد جنبلاط... ومن قاعته الشهيرة انطلقت المعارضة برؤية موحّدة في 14-12-2004.

وكان حدثاً مدوياً سجّلته المعارضة آنذاك في التعامل السياسي مع الأزمة المفتوحة في البلاد منذ التمديد لرئيس الجمهورية الأسبق أميل لحود، وأسّست لمرحلة استقلال 2005، ولتغييرٍ جذري في الواقع السياسي والسيادي في لبنان... وهذه الصفحات دُوِّنت في السجّل الذهبي للفندق.

"البريستول صفحة من تاريخ لبنان... سنلتقي". هكذا غرّد الدكتور فارس سعيد، إلى تغريدات آخرين من السياسيين التي أعلنت انتهاء فترة السماح للحكومة... فهل معارضة 2020 ستقوم على أنقاض بريستول الاقتصادية، في زمن كورونا؟

ومِن مستقبل المعارضة السياسي نعود إلى حاضر لبنان الاقتصادي في زمن كورونا، وزمن التصحّر الاقتصادي، وتردي الأوضاع الاجتماعية، والمعيشية والسياحية، وفي زمن الشلل التام، نسأل، مَن بعد البريستول؟ مَن التالي؟ إذ هناك 95% من فنادق لبنان اعتمدت الإقفال الجزئي ل 90% من طوابقها.

وفي القطاع الفندقي هناك حوالي 40,000 من العاملين: 25,000 من الموظفين الثابتين، و15,000 من الموظفين المتحركين (دوام جزئي)، ويتقاضون نصف راتب، عدا الذين تمَّ صرفهم.

ومدخول أي فندق في لبنان اليوم لا يغطي فاتورة كهرباء واحدة. والفنادق الكبرى ذات الخمس نجوم تمرّ بظروف عصيبة، وتصارع من أجل البقاء.

ففندق Phoenicia، مثلاً، وضعه صعبٌ جداً، وقامت إدارته بتخفيض عددٍ من موظيفه، وقد أقفل بعضاً من طوابقه، كما اضطر، مجبراً، إلى التنازل عن فندق le Vendôm، التابع له، للمصارف بهدف تغطية ديونه.

أما Kempinski، والـ Four Seasons، فلم يتأثرا كثيراً نظراً لقدرة المستثمرين الكبار الذين يملكون ثروات لا تزال صامدة بوجه التعثّرٍ الاقتصادي أو أزمة كورونا، أو الشللٍ التام في القطاع السياحي في لبنان.

في المقابل تتأثر اليوم، وبشكلٍ دراماتيكي الفنادق العائلية، والمملوكة من مستثمرين لبنانيين، حاولوا الصمود للحفاظ على تراث الأجداد. وهذه الفئة تعتاش من الاستثمار، وحركة السياحة، وخاصة الخليجية منها، وهي مقفلة جزئياً وتصمد حتى الساعة قبل الإقفال الاخير... ولكن إلى متى؟

يجيب نقيب أصحاب الفنادق، ورئيس اتحاد نقابات القطاعات السياحية، بيار أشقر، في دردشةٍ مع "الأنباء": "منذ ستة أشهر، أي من تاريخ 17 تشرين الأول وحتى اليوم، لا مدخول للقطاع الفندقي، لأن الوضع الاقتصادي كان مضروباً في الأساس، وكنا على حافة الهاوية قبل الثورة.ثم شُلَّت الحركة بعد 17 تشرين، واستُكمل الشلل مع جائحة كورونا، فتمّ إغلاق البلد، وبدأ انهيار القطاع..."

وبالنسبة لأشقر فإن كورونا هزَّ اقتصادات العالم كلها، والتداعيات ستستمر بعد ستة أشهر، أو سنة، ابتداءً من اليوم في لبنان، وفي دبي، والخليج، وإيطاليا، وفرنسا، وإسبانيا، وكل العالم... باختصار، لا سياحة في أي بلدٍ في العالم قبل سنة.

وقد نستفيد من خسائر كورونا في لبنان بعد الانتهاء من التعبئة العامة. وهنا يقترح الأشقر العمل على دعايةٍ ذكية لاستقطاب السُيَّاح الى لبنان، والاستفادة من عدّاد كورونا المنخفض في لبنان (3 بالمليون) مقارنةً مع أرقام كورونا المرتفعة في العالم، مشدّداً على أن العمود الفقري للسياحة في لبنان هم أهل الخليج، ونقطة على السطر... ولاستقطابهم من جديد على السلطة، وأهل الحكم الابتعاد عن الخطاب السياسي الاستفزازي الذي يهرّب كلاً من المستثمرين والزوار الخليجيين... فهل مَن يستجيب؟