Advertise here

هل هذه حكومة إنقاذ الوطن؟

15 نيسان 2020 19:35:41

وُلدت الحكومة... وُلدت وكأنها حاملة هموم وشجون الوطن، وآمال اللبنانيين المتعطّشين إلى تحقيق أمنهم السياسي، والاجتماعي، والاقتصادي. هذا، وفي وقتٍ كنّا نتوقّع فيه ولادتها قبل شهور، وشهور، خاصةً وأن اللبنانيين، شارفوا على أن يكونوا في حِلٍ من الانتماء إلى الوطن، لا سيّما وأن لا شيء يطمئن المواطن في هذا  الوقت العصيب، ناهيكَ عن أن الفلتان سيّد الموقف على كل الأصعدة والمستويات.

فالاحتكارُ قائمٌ على قدمٍ وساق، والهجرة تلفظ أبناءنا إلى ما وراء البحار، والغلاء فاغرٌ فاه، والبطالة تُلقي بظلالها على المواطن، والكلّ يتلهّف لتأمين لقمة عيشه، والجوع يدقّ الأبواب، ولا من سميعٍ أو مُجيب.

في كل الأحوال، الحكومةُ قد أبصرت النور. ولكن أي نورٍ سيطلُّ، وسيشرق على اللبنانيين؟ أنُورُ الصباح، أم نور ظلامٍ دامس؟

صحيحٌ أن ولادة الحكومة مكسبٌ للجميع منعاً للفراغ...، وهذا ما يؤكّد أن الدولة ما زالت قائمة، بدستورها، وبُناها، ومؤسّساتها. ولكن السؤال المطروح: هل هذه الحكومة حكومةَ الشعب، كلّ الشعب؟ وهل ستنقذ المواطن مما يغرق فيه من أزمات؟ نأمل ذلك.

حكومة عُنوِنَت بحكومة كل لبنان. هذا، عنوانٌ يطير على الألسن عند تأليف كل حكومةٍ تاريخياً. وليس المهم من يوليها ثقته أو يحجُبها على مستوى أهل الحكم. المهم أن يُوليها الشعب ثقته حمايةً لصيغة العيش المشترك، والالتقاء على قاعدة القضية والمصير، بما يعيد للبنان حضوره في هذا النصف الثاني من الكرة الارضية. وعلى هذا، فالكلّ يترقّب، خاصةً وأن أي انزياحٍ عن الثوابت، وأي إشاحةِ نظر عن صيغة العيش المشترك، وعن تناسي دور لبنان القيمة والرسالة، والنموذج، وبالتالي عن هذا العقد الاجتماعي الذي هو في أساس قيامة لبنان واستمراريته، قد يطيح بمقوّماته ومكوّناته، ويجعله ورقةً في مهب الرياح، وما من أحدٍ، إلّا ويقول: " كلّنا للوطن". ولكن (أيّ وطنٍ نريد؟؟)

إننا نريد وطن اللّا- طائفية، والمساواة، والكفاية الاجتماعية، بعيداً عن هذا التفاوت الاجتماعي، نريده في المنظومة العربية قلباً وقالباً.

وإذا كان الوضع حالياً ليس على ما يرام فإن مهمة الحكومة، وبشكلٍ سريع، هي تحصين وتمتين الوضع الداخلي، تجنباً لِما يدور حولنا من فِتنٍ ومِحَن لا يتحمّلها لبنان، سواء أكانت اقتصاديةً أم أمنية...

نحن في وقتٍ بأمسِّ الحاجة فيه إلى رأب الصدع، وإلى هذا التماسك، درْءاً لِما يخيّم فوق رؤوسنا من سُحُبٍ سوداء قد تحجب الأمل المنشود.

باختصار، لن يليق بلبنان إلّا أن يكون هذا الألق، وواسطة العقد بين الجميع.

من هنا، إذا كنا نجرؤ على قول الحقيقة، فما على  الحكومة إلا أن تكون العين الساهرة على الوطن، وعلى مسافةٍ واحدةٍ من الجميع، وأن تتبنّى صيغة الإنماء المتوازن، كما عليها البدء بورشة عملٍ تترافق وتحديات العصر.

إن الفرصة لا زالت سانحةً لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. وفي المحصلة نقول: من المفترض أن تكون أولى أولويات الحكومة تأمين لقمةَ عيشِ المواطن، وتوفير الضمانات له، ومعالجة كل ما من شأنه أن يخدم حياته اليومية، ونزع هاجس الخوف من النفوس، أمنياً، واقتصادياً، بالأفعال لا بالأقوال... 

فعسى أن تكون هذه الحكومة حكومة إنقاذ، وأن تكون حكومة الشعب لا غير.