Advertise here

في غرق "تيتانيك"... ولبنان

15 نيسان 2020 17:12:00 - آخر تحديث: 02 أيلول 2020 17:00:01

يصادف اليوم الثلاثاء، 15 نيسان، ذكرى غرق فخر صناعة السفن في العالم، سفينة "أر. أم. أس تيتانيك"، والتي كانت دشّنت في العام 1912، أولى رحلاتها بين بريطانيا العظمى والولايات المتحدة الأميركية، غير أنها اصطدمت بجبلٍ جليديٍ قبيل منتصف ليل الأحد 14 نيسان 1912.  أحدث الاصطدام فجوةً كبيرةً في جانبها الأيمن تسبّب بغرقها بعد ساعتين وأربعين دقيقة، من يوم الإثنين 15 أبريل، وهو ما أدّى إلى موت أكثر من 1,500 شخص، ممّا جعلها واحدةً من أكبر الكوارث البحرية المميتة وقت السِلم في التاريخ.

وأظهرت التحقيقات الكثيرة التي أُجريت للتوصّل إلى كشف أسباب كارثة "تيتانيك" أن السبب الأول، والرئيس، هو تجاهل قبطانها "الأحمق"، والمتعالي لست تحذيراتٍ من الجليد البحري، والتي تلقّاها في 14 نيسان، لكنّه مضى في قيادة السفينة بالقرب من سرعتها القصوى عندما رأى مراقبوها الجبل الجليدي، ولم تكن قادرةً على تغيير الاتجاه بسرعةٍ كافية.

ما أشبه غرق "تيتانيك"، في مطلع القرن العشرين، بما يجري في لبنان في مطلع القرن الحادي والعشرين. قبطانٌ "أحمق" ومتعالٍ يقود سفينة لبنان إلى غرقها المحتوم، رغم التحذيرات الكثيرة التي تلقّاها بضرورة تغيير المسار، ورغم الفرص الكبيرة التي منحته إياها القوى السياسية المختلفة، غير أنه ماضٍ في تعاليه وإغفاله لهذه التحذيرات، تماماً كما فعل قبطان "تيتانيك".

غير أن الفارق الكبير هو أن "أدوارد جون سميث"، قبطان "تيتانيك"، تلاعب بمصير ألفَي راكب على متن سفينته، في حين أن قبطان السفينة اللبنانية يتلاعب بمصير أكثر من 4 ملايين لبناني، فإنْ غرقتْ "تيتانيك"، وذهب ضحية سميث 1,500 راكب، فإن غرقَ اللبنانيّين سيؤدي إلى كارثة إنسانية ستسجَّل في تاريخ هذا القبطان، الذي لم يشهد لبنان شخصاً بمثل غطرسته، وتهورّه، وحقده الأعمى الذي دفعه إلى اعتبار نفسه "ربّنا الأعلى"، ولا شيء، أو أحد، يمكنه أن يقود لبنان، و"ركّابه" بمثل "المهارة" التي يقود بها.

القبطان سميث كان بحاراً خبيراً خدمَ لمدة 40 عاماً في البحر، ومنها 27 سنة في القيادة، غير أن القبطان اللبناني مغمورٌ لم يسبق له أن تولّى "القيادة" لولا الظروف السياسية التي حتّمت على الرئيس سعد الحريري أن يتقدّم باستقالة حكومته في مطلع العام 2020، لكي تؤول أمانة القيادة إلى "أكاديمي" لم يسبق له أن جلس وراء مقودٍ، أو "دفة" القيادة. لكن شخصيّته، وبعد أكثر من شهرين على تولّيه الدفة، أظهرت أنه "عنيد" لا يقبل النصح، ومتغطرسٌ أحاط نفسه بفريقٍ من "المراقبين" لا يستطيعون التمييز بين "الجبال الجليدية"، و"الرمال الصحراوية"، وهو يركن إلى نصائحهم، ولا يُبدي أي اعتراضٍ عليها.

أن تقود السفينة اللبنانية استناداً إلى تعليمات "ضابطٍ" أو "سلطان"، يثبتُ أنك عديم المنفعة، ومجيئك لم يكن بالصدفة بمقدار ما كان من ضمن "مخططٍ" شيطاني يراد منه "إغراق" لبنان، وتحويله لكي يشابه أنظمةٍ "شمولية" سابقة في محيطنا العربي فشلت فشلاً ذريعاً في دفع شعوبها إلى اللحاق بركب التطور والتقدم واليُسر. وهذا ما سيقود لبنان إلى فقدانه الميزة التي لطالما حملها في هذه المنطقة من العالم.

لا يزال الوقت ممكناً لكي يقتنع "القبطان" الفذ بضرورة تغيير المسار، وتجنيب لبنان مصير "تيتانيك"، وجلّ ما عليه فعله هو الاستماع إلى التحذيرات التي يتلقاها مباشرةً، أو عبر الواسطة، من مخاطر ما يقوم به، علّه يسمع.