Advertise here

الشيخ محمد بن راشد... عرفت بيروت قبل أن تتغير الدروب زمن الحروب

31 كانون الثاني 2019 11:14:00 - آخر تحديث: 31 كانون الثاني 2019 11:15:15

أصدر الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم كتابًا جديدًا بعنوان قصتي، وهو سيرة ذاتية ذات طابع تاريخي وإنساني، تناول فيه خمسين قصة انطبعت في ذاكرته، ومن ضمنها قصة مع العاصمة اللبنانية متمنيًا أن تكون دبي كما كانت شقيقتها في ستينيات القرن العشرين. وقد استهل كلامه عن بيروت بقصيدة للشاعر نزار قباني " يا بيروت يا ست الدنيا"، خاتمًا إيّاها "سامحينا.. إنَّ جعلناك وقودًا وحطبًا". 

نعم يا بيروت سامحينا، فقد أغرقناك في أزمات ونزاعات عديدة، وجعلناك ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية والعالمية، ولحروب تخاض بالوكالة. حولنا سماءك إلى شهب قاني يصب الحمم، وبحرك الأبيض إلى بركان يقذف الموت للأبرياء، وشوارعك سجل يدوّن معاناة الناس، بعد أن كنتِ حديقة غناء تزدان بأشجار السرو والسنديان، لوحة شعرية مفعمة بالحيوية، متدفقة بالحياة، عاصمة الثقافة العربية بلا منازع. 

بيروت.. كنت وعلى مدى تاريخك الطّويل وما زلت، محط أنظار القاصي والداني، المحب والمحتل، جرى الدم كسيل المطر حول قدميك، حتّى يكاد يُضرب بك الرّقم القياسيّ في عدد الأمم الّتي تساقطت حولك كأوراق الخريف. 

بيروت.. عاصمة لبنان بلاد الأرز، مُخترع الحرف، مُلتقى الحضارات والأديان، المتلألئة على شواطئ المتوسط احتضت كل قضايا الإنسانية إلا قضيتك.

بيروت .. مدينة النصر والتحرير أيقظتِ ضمائر الأحرار إلا ضمير طبقتك السّياسيَة الحاكمة، التي اعتادت رفع الشعارات الفضفاضة والوعود الكاذبة لأغراضها السياسية ومكاسبها المالية المستأثرة بالسّلطة مُغَذّية التّدخّلات الخارجية، مُعقدة الأزمات الداخلية منذ الاستقلال حتى الآن.

بيروت.. ينبوع خير وعطاء ينساب من أبوابك السبعة المشرعة إيابًا للعناصر الهاربة من الحروب والاضطهاد من البلدان المجاورة، وذهابًا لأولادك بحثًا عن أمنٍ أو عملٍ.

بيروت.. عنقاء الرماد، الأسطورة الحية، اسمك يغوص في أعماق التاريخ، أما آن الآوان أن تتوقف كلماتنا النادبة على مصابنا الجلل فيك، أما آن الأوان أن تتوقف الآهات من أعماقنا الموجعة على ماضيك العريق، أما آن الآوان أن نحلم بالغد بالمستقبل، أما آن الآوان أن تثوري ضد الفساد والفاسدين.  

فيا صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، عَرفت بيروت قبل أن تتغير الدروب زمن الحروب، وحبذا لو تُصدر أمنيتك التي تحققت، وحلمك الذي أصبح واقعًا، ورؤيتك المستقبلية المؤكدة، وإيمانك بأرضك وبشعبك إلى أصحاب القرار في بلاد الأرز.

 بيروت أيتها العابرة من مسمات الجلد ونبض القلوب..  لك تنحني مقامات الروح.