Advertise here

تكليف الكاظمي ثالث محاولة لملء الفراغ الحكومي في العراق

12 نيسان 2020 20:09:27

أدّى تكليف مصطفى الكاظمي (53 عاماً) تشكيل الحكومة العراقية الجديدة إلى انقسامٍ في صفوف الميليشيات الشيعية المسلّحة بين مؤيدٍ ومعارض، مقابل إجماعٍ سياسي شعبي عليه. ومن أبرز المعارضين تنظيم "كتائب حزب الله" القريب من إيران. 

 فعلى الرغم من حصول الكاظمي على إجماع معظم القوى السياسية، إلّا أن ترشيحه للمنصب الذي تمّ من قِبَل بعض أركان الجبهة القريبة من إيران يثير تساؤلات عدة عن موقفه من تلك القوى والتعهدات المتبادلة التي ساهمت في إيصاله للمنصب، وما إذا بات حزب اللّه العراقي يغرّد وحيداً خارج السرب.

فبعد أشهرٍ من الاتهامات التي أصدرتها القوى والفصائل الموالية لإيران عن الكاظمي بأنه مقرّب من الولايات المتحدة، ومتواطئ في عملية اغتيال قائد "فيلق القدس" الإيراني قاسم سليماني، ونائب رئيس "هيئة الحشد الشعبي"، أبو مهدي المهندس، عادت تلك القوى لتكون فاعلاً رئيساً في ترشيحه للمنصب، حيث يرى مراقبون أن هذا الأمر يثير تساؤلات كثيرة حول إمكانية أن يكون ترشيح الكاظمي للمنصب جرى بعد صفقة بين الطرفين، فيما يرجح آخرون أن يكون هذا التكليف قد أتى في محاولة إرسال رسائل طمأنة إلى واشنطن من قِبَل تلك التيارات.

وكان الكاظمي قد وضع في أول خطابٍ متلفزٍ له بعد تسميته رئيساً للحكومة، عدة عناوين خلافية على طاولة البحث، ومنها موضوع انتشار "السلاح الذي يجب أن يكون في أيدي الحكومة" كما قال، كما حدّد الأهداف الأساسية لحكومته، وهي، "محاربة الفساد، وإعادة النازحين إلى ديارهم".

وفيما رجّحت مصادر عراقية مطّلعة في اتصالٍ مع "الأنباء" أن تكليف الكاظمي هو، "نتيجة صفقةٍ جرت بين الأطراف الممسكة بزمام الوضع العراقي، وتحديداً طهران وواشنطن"، وأعربت عن قلقها من، "أن يكون العراقيون شهوداً على تلك الصفقة، وليسوا جزءاً منها".

واعتبرت أن "التحدي الأكبر الذي يواجه الكاظمي، هو إمكانية قراءة عملية التواصل بين بغداد - طهران – واشنطن، واستثمارها لتأمين حاجات ومطالب العراقيين، وتحديداً الحركة الاحتجاجية، وإنتاج منظومة مغايرة للحكم".

وأعربت المصادر عن اعتقادها، "أن يكون هناك سعيٌ بين واشنطن وطهران للتهدئة في العراق وإعادة ترتيب الأوضاع في البلاد"، مردفاً أن، "حكومة الكاظمي هي عودة إلى القواعد التي أنتجت اللعبة السياسية بعد 2003 بين أميركا وإيران"، ما يفرض على القوى الشيعية الرئيسية التقارب وإنهاء خلافاتها، لأنها أدركت أن هذه الخلافات أدّت إلى أزماتٍ عدة".

وأشارت المصادر إلى أن، "ما يعقّد مهمة الكاظمي أنه سيكون في مواجهة أزمات اقتصادية كبرى، حيث يتعدى عجز الموازنة العراقية حدود 45 مليار دولار، وترجيحات بعدم قدرة الدولة الإيفاء بالتزاماتها في ما يتعلق برواتب الموظفين، فضلاً عن معدلات الفقر والبطالة العالية في البلاد، والتي كانت محفّزاً رئيساً في انطلاق الاحتجاجات العراقية".

وكان رئيس الجمهورية العراقية، برهم صالح، كلّف رئيس المخابرات السابق، مصطفى الكاظمي، بتشكيل حكومةٍ جديدة، وذلك بعد اعتذار محافظ النجف السابق عدنان الزرفي، الذي كان أعلن قبل أيام عن تقدّمه في المشاورات التي أجراها لتشكيل حكومته.
 
يتمتع الكاظمي بشخصية براغماتية، وله علاقات مميّزة مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، حيث رافق رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، خلال زيارته إلى الرياض عام 2017. وبعد ساعاتٍ من تكليف الكاظمي بتشكيل الحكومة، أعرب مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط، ديفيد شينكر، عن أمله في أن يتمكّن الكاظمي سريعاً من تشكيل حكومةٍ "قوية ومستقلّة". وقال للصحافيين، "أثبتَ في وظائفه السابقة أنّه وطني وشخص كفؤ". ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن مصدرٍ سياسي رفيع القول إن تسمية الكاظمي، "تأتي مكسباً للعراق، خصوصاً في هذه المرحلة الاقتصادية الصعبة، ولضمان تجديد استثناء بغداد من العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران".

وأمام الكاظمي 30 يوماً لتقديم تشكيلته الحكومية أمام البرلمان، وهو ثالث شخصية تُكلّف لهذه المهمة منذ تقديم حكومة عادل عبد المهدي استقالتها مطلع العام 2020. فقبل اعتذار الزرفي، اعتذر محمد توفيق علاوي عن مهمته، حيرث يعيش العراق انقساماً سياسياً حاداً وركوداً اقتصادياً صعباً، وحراكاً شعبياً صلباً انطلق في الأول من تشرين الأول؛ كما يعاني العراق من ضررٍ كبيرٍ في إنتاج النفط بعد التراجع الحاد في أسعار النفط الخام، إضافةً إلى تفشي وباء كوفيد- 19 الذي أودى بحياة 69 شخصاً حتى الآن في العراق.