Advertise here

مشهد "هزلي" في بعبدا.. والردّ الدولي أتى حاسماً: الإصلاح أولاً

07 نيسان 2020 05:20:00 - آخر تحديث: 07 نيسان 2020 22:06:18

لم يكن الاجتماع الذي دعا لعقده رئيس الجمهورية ميشال عون في القصر الجمهوري مع سفراء مجموعة دول الدعم بحضور رئيس الحكومة حسان دياب موفّقاً، لا في التوقيت، ولا في المضمون، ولا في النتائج المتوخاة منه. فالتوقيت أظهر أن لبنان الرسمي في وادٍ، والعالم المنشغل بكورونا في وادٍ آخر، حيث أن كل المجتمع الدولي منشغلٌ بوضع حدٍ للموت الزاحف إلى شعوب العالم في ظل العجز الظاهر عن إيجاد اللقاح اللازم، وفي ظل ما يتركه هذا الوباء من ركودٍ اقتصادي عالمي غير مسبوق، بينما السلطة في لبنان تستجدي أموال "سيدر".

وفي المضمون بدا جلياً أن أركان الحكم في خطبهم الاستعطافية والإنشائية لطلب المساعدة من دول العالم، كانوا يتوقعون أن تُقرّ لهم المساعدات دون تطبيق الإصلاح الذي ادّعى رئيس الحكومة بأن خطّته طُبقت بنسبة 57 في المئة من دون أن يحدّد أين حصل كل ذلك، مستخدماً هذا الرقم الدقيق لإيهام سفراء تلك الدول أن "حكومة مواجهة التحديات" قامت بما هو مطلوبٌ منها، متناسياً أن أولى شروط المساعدات القيام بالإصلاحات خاصة في قطاع الكهرباء الذي يكلّف خزينة الدولة قرابة نصف الدِّين العام. لكن ربما كانت صفقة بواخر الفيول المغشوش جزءاً من خطة الطوارئ التي تحدّث عنها الرئيس دياب. وإذا كان أصحاب الدعوة للقاء الأمس تناسوا ملف الكهرباء فإن السفير الفرنسي ذكّرهم بذلك بوضوحٍ تام في كلمته.

أما النتائج المتوخاة من اللقاء، فقد لخّصها السفير الفرنسي نفسه بالسؤال عن الإصلاحات في مالية الدولة، وقطاع الكهرباء، وإصلاح القضاء.

وكل ما تجيد السلطة استخدامه هو استعمال ورقة النازحين السوريين ذريعةً في كل مرة لطلب المساعدة، والتعويض على لبنان مليارات الدولارات التي يدّعي المسؤولون بأنها أُنفقت عليهم. لكن سفراء تلك الدول يعرفون جيداً، وبالأرقام المبالغ التي دُفعت لدعم هؤلاء النازحين.

مصادِر معارضة كشفت في اتصالٍ مع "الأنباء" أن القيّمين على اجتماع بعبدا أرادوا اصطياد عصفورين بحجر واحد: الأول يتعلق بتبرير عدم قدرة لبنان على سداد ديونه، والثاني الحصول على هبات ومساعدات مالية لا تحمّل الدولة أعباء ديون جديدة. ومن هنا يُفهم إصرار الحكومة على تنفيذ مشروع سد بسري، بدل التفاوض مع البنك الدولي لتحويل المبلغ المخصّص له، والبالغ 625 مليون دولار لمواجهة أزمة كورونا، ومساعدة العائلات الأكثر فقراً والذين تضرّروا جرّاء هذا الوباء. وهذا يعني أن الحكومة آثرت كالعادة الهروب من التزاماتها لأنها تبدو عاجزةً عن تنفيذ الإصلاحات الموعودة، كما هي عاجزة عن إقرار التعيينات، وعن تطبيق "الكابيتال كونترول"، ولا تستطيع بتّ التشكيلات القضائية، وبالطبع غير قادرة على تغيير أي شي في قطاع الكهرباء.

وسألت المصادر المعارضة: "لماذا لا تزال الحكومة تتعامى عن إمكانية طلب مساعدات من الصين، أو كوريا، أو اليابان؟ ثم أين هي خطة الطوارئ التي تحدّث عنها رئيس الحكومة وقال إنها تحققت بنسبة 57 في المئة؟ لماذا لم يسمع أحدٌ بها؟ هل باتت كفانوس علاء الدين، وشخصيات قصص ألف ليلة وليلة، والتي لا تظهر إلّا على أشخاص معيّنين؟".

القيادي في تيار المستقبل مصطفى علوش وصف في اتصالٍ مع "الأنباء" اجتماع بعبدا بـ"كاريكاتور جديد يضاف إلى الكثير الذي قدّمه النائب جبران باسيل قبل أيام"، وأضاف: "ما جرى هو صورة هزلية عن واقعٍ واضح وضوح الشمس، وقد تجلّى من خلال ردّات الفعل، وسؤال السفير الفرنسي الحكومة: ماذا فعلتم كي نساعدكم؟ وهل حققتم ما هو مطلوب منكم في ملفات الكهرباء، والقضاء، والمالية العامة؟"

وسأل علوش: "أين الخطة الإصلاحية حتى نتأكد إذا ما تمّ تحقيق 57 في المئة منها، أم لم يتحقق؟" وتوقّع، "ذهاب البلد نحو المزيد من التدهور، فما كان يمكنه معالجته قبل 4 أشهر أصبح اليوم مستحيلاً لأن العالم في مكانٍ آخر".

 في موازاة ذلك، علمت "الأنباء" أن جلسة مجلس الوزراء اليوم ستُجري تقويماً شاملاً لموضوع إعادة المغتربين اللبنانيين ودور الحكومة، وكذلك بالنسبة لاجتماع بعبدا، بالإضافة إلى عمل لجنة الطوارئ الوزارية، والإجراءات المتّصلة بتوزيع المساعدات على الفقراء، ومبلغ الـ400 ألف ليرة، على أن يُبتّ في هذا الموضوع في جلسة الخميس المقبل.

وأفادت معلومات "الأنباء" أن داتا المعلومات للعائلات سوف تُعتمد من أكثر من وزارة من بينها العمل، والشؤون الاجتماعية، والدفاع. وسيتولى الجيش توزيع المساعدات ليلاً تجنباً للاكتظاظ خلال النهار. 

وفي ما يتعلق بالتعيينات، قالت مصادر حكومية إنها لن تحصل هذا الأسبوع أيضاً قبل انتهاء وزير التنمية الإدارية، دميانوس قطّار، من إعداد القانون الخاص، اما التعيينات المالية فهي تخضع لقانون النقد والتسليف بإشراف وزير المالية، وعليه لم تحدد المصادر ما اذا كانت تعيينات نواب حاكم مصرف لبنان ستنتهي هذا الأسبوع.

وفيما لا يزال اللبنانيون يعيشون القلق اليومي بسبب فيروس كورونا، دخل أمس قرار وزير الداخلية محمد فهمي "المفرد والمزدوج" حيّز التنفيذ، واعتبرت مصادر أمنية في حديث مع "الأنباء" أن الخطة "تخلّلتها بعض الشوائب"، وأن "قوى الأمن الداخلي سطّرت أمس 1,306 محاضر ضبط من بينها 1,214 محضراً نتيجة مخالفة قرار وزير الداخلية، و92 مخالفة عادية". 

المصادر الأمنية رأت في تقييمٍ أولي للخطة بأنها نجحت في جعل عدد السيارات أقل من الأيام السابقة، ورأت أن، "الوضع كل يوم سيكون أفضل من سابقه".

وشدّدت المصادر الأمنية على أن المطلوب هو الالتزام بالمنزل، لا تشريع التنقل، معتبرة بأننا، "أمام مرحلةٍ حرجة، وعلينا جميعاً الالتزام بكل التعليمات، لأن حياتنا في خطر، ومصير بلدنا في خطر وأهم سلاحٍ لمواجهة هذا المرض هو البقاء في المنزل".