Advertise here

هل تعلّم العالم الدرس؟

03 نيسان 2020 18:02:01

هل أن هذا الفيروس الصغير، الذي لا تراه العين المجرّدة، يتمكّن من أن يخلق أزمةً عالميةً كبيرة، وأن يغيّر في تركيبة هذه الدول العظمى، من ناحية الأنظمة السياسية والاجتماعية، النمط الحياتي لهذه الدول، وهي التى كانت تُعتبر من الدول المتقدمة والحضارية على جميع المستويات؟ وهل من المُمْكن أن يتغيّر هذا النظام الاقتصادي التجاري العالمي؟ والأهم هل من المُمكن أن تستمر الصناعات العسكرية والتقليدية، وغير التقليدية في تخزين هذا السلاح الذي يتمكّن من تفجير أكثر من كرة أرضية بعدة مرات، بحسب قول العلماء؟ وهل ستستمر هذه الدول في الانقسامات، والتحالفات، والمحاور، وفي الحروب الباردة والساخنة؟ وهل يبقى العالم رهينة السياسات الدولية، والشركات الضخمة، بعد هذا الدرس التى تلقّته البشرية جمعاء؟

كم هناك من الدول، التي كنّا نعتبرها قدوةً ومهمة على الصعيد الإنساني، انكشف المستور فيها، وتكشّفت حقيقتها؟ هل ستتعلم الدول أن أهم شيء هو الاستثمار في الإنسان، وفي العقل، والفكر، والعِلم؟

وقد آن الأوان كي نتعلّم من الماضي، وليس البعيد، عندما كان العالم مقسوماً إلى العالم الشرقي والغربي، بقيادة القطبين الأميركي والسوفياتي آنذاك، وكان سباق التسلّح قائماً على قدمٍ وساق، وكانت تلك الدول، وما زالت، تخترع وتُخزّن السلاح النووي، والجرثومي، والتقليدي. ولكن كانت هناك بعض الدول، وبعض الأشخاص الذين يفهمون خطورة تلك المرحلة، وقاموا بتأسيس دول عدم الانحياز بزعامة نهرو وتيتو، وعبد الناصر، وغيرهم من القادة الكبار الذين كانوا يعلمون إلى أين من الممكن أن تصل الأمور بعد هذا الصراع، وخاصةً أن العالم كان لم يخرج بعد من الحرب العالمية الثانية، ومن آثارها على البشرية. لذلك العالم الحر، والدول الحضارية، مطلوبٌ منها اليوم هذه الوقفة، والعمل على خلق هذا التحالف لدول عدم الانحياز، والعمل من أجل البشرية جمعاء.

لقد انكشفت هذه الدول أمام أول استحقاق بسيط. فكيف كان الوضع لو حصلت حربٌ نووية وجرثومية على مستوى العالم؟ ماذا كان حصل في ظلّ هذا التخبّط العشوائي بسبب هذا الفيروس الصغير، والعالم محجوزٌ في البيوت، والمعامل، والمصانع، والمطارات، ومحطات القطارات، وكل شئ متوقفٌ على مستوى العالم؟ كيف سيكون الوضع لو نشبت حربٌ جرثومية، علماً أن الدول الكبرى لديها مخزونات لا يُستهان بها من هذه الأسلحة الفتّاكة؟

ونظراً لما تقدّم، على العالم الحر أن يعيد الحسابات والأولويات، وأن يعلم أن الاستثمار في الطب، والهندسة، والتكنولوجيا، هو لمصلحة الإنسان والبشرية، وأن يتعلّم كيفية مكافحة المجاعة، والتلوّث، والبطالة، والحفاظ على البيئة. هذا ما يجب العمل عليه من الآن وصاعدا،ً ويجب تدمير وتفكيك كل الأسلحة النووية، والجرثومية، والتقليدية، والعملُ على التكنولوجيا التى ستصبّ في مصلحة الإنسان والإنسانية. هذا هو الاستثمار الذي تريده البشرية جمعاء، والعبرة لمن اعتبر.