Advertise here

عقم الحكومة يشلّ التعيينات والتشكيلات والاقتصاد والطوارئ.. إلاّ السد "المدمّر"

03 نيسان 2020 06:08:19

شكّلت المداخلة المطولة لرئيس الحكومة حسان دياب في مستهل جلسة مجلس الوزراء وما تضمّنته من انتقادات مبطّنة كان دأب منذ فترة على إرسالها بكافة الاتجاهات لاسيما من يتهمهم بأنهم "أوصلوا البلاد الى ما تشهده اليوم" من أزمات مالية وإقتصادية ونقدية وكورونية، ما يشبه البكاء على الأطلال بعد أن ظهر عقم الحكومة في توليد قرارات واضحة لمواجهة التحديات، أولها تحديها لنفسها بتنفيذ الحد الأدنى مما وعدت به وما تضمنه بيانها الوزاري الذي يبدو أن رئيس الحكومة لم يعد يذكر منه شيئاً.

وها هي الملفات العالقة ما زالت تراوح أدراج الوزارات المعنية، وآخرها ملف التعيينات الذي كان مقررا البت به في جلسة الأمس لينضم الى ملف التشكيلات القضائية، وملف الكابيتال كونترول، وملف اليوروبوند، وملف خطة الإنقاذ الإقتصادي وغيرها من الإنجازات المفترضة التي وعدت حكومة دياب بتحقيقها والتي كما يبدو ستبقى حبرا على ورق في جداول أعمال اللجان التي تؤلفها الحكومة في كل جلسة.

الحكومة تدفن رأسها في الرمال
وكان لافتا أن هذه المداخلة لدياب تطلبت من وزيرة الإعلام منال عبد الصمد وقتا أطول لتلاوتها من الوقت استغرقه إعلانها لمقررات الجلسة. فحكومة "مواجهة التحديات" وضعت كل المشاريع التي كانت تنوي تنفيذها خلف ظهرها، ويمّمت وجهها شطر سدّ بسري، الذي ثبت بعد الدراسات الأخيرة مدى خطورته الجيولوجية والبيئية وكلفته العالية. لكن الحكومة لم تأبه لذلك فطلبت من المتعهد المتخصص في التدمير من نهر الكلب الر برج حمود إلى بسري، المباشرة في العمل بالسرعة القصوى، ليلحق بذلك سدّ بسري بسلسلة السدود الفاشلة التي نفذت في الآونة الأخيرة، وكل ذلك يأتي رداً على مطالبة رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط بالإستفادة من الأموال المرصودة للسدّ لدعم الوضع المعيشي المتدهور الناس.

التعيينات: مكانك راوح 
وفي إطار هذا الاداء المترنح الحكومة وغرقها في ذهنية تقاسم الحصص والتشفّي، طالب دياب بسحب بند التعيينات بعد أن كان يطيح بالحكومة، كما طالب بإعادة النظر بالرواتب العالية لهذه الفئة من الوظائف مع ما يستتبع ذلك من إعادة النظر برواتب الفئة الأولى ورواتب الوزراء والنواب ورؤساء الجمهورية والمجلس النيابي والحكومة، والعمداء والعقداء وغيرهم وإعادة النظر بمعاشاتهم التقاعدية وتعويضات نهاية الخدمة التي تفوق مئات المليارات من الليرات اللبنانية، 

وما يخشى من المطالبة من إعادة النظر برواتب الفئة الأولى أن تلقى المصير نفسه الذي لقيه ملف التعيينات فيؤجل البت به. 

وفي هذا الإطار كشفت مصادر تيار المردة لـ"الأنباء" ان السبب الذي أدى الى تغيّب وزيري الأشغال ميشال نجار والعمل لميا يميّن عن جلسة مجلس الوزراء أتى بعد تلقي رئيس التيار سليمان فرنجية معلومات عن عدم الأخذ بالأسماء التي إقترحها في التعيينات، وتوجه الحكومة لتأجيل هذا الأمر ما يعني عدم الموافقة على الإسمين المطروحين من قبله، وكان شرط فرنجية مشاركة وزيري المردة في الحكومة الموافقة على هذين الإسمين.

وحول مشاركة نجار ويميّن في الجلسات المقبلة قالت المصادر إن "هذا الأمر يتوقف على الموافقة بأن يتمثل "المردة" بالأسماء التي إقترحها لأن الأسماء لا غبار عليها لا من حيث المؤهلات العلمية ولا من حيث الشفافية في التعاطي الوظيفي، وهي أسماء مستقلة وليس لديها أي إنتماء سياسي". 

بري يأسف 
بالتوازي أعربت مصادر كتلة التنمية والتحرير لـ "الأنباء" عن أسفها لعدم إقرار التعيينات أمس باعتبار ذلك من الأمور الملحة لمعالجة الأزمة النقدية وإنقاذ الوضع الإقتصادي. وكشفت أن الرئيس نبيه بري تمنى على الحكومة مقاربة هذا الملف بكثير من المسؤولية والشفافية. لكن المصادر ذاتها قالت إنها لا تعرف من أوصل الأمور الى تأجيل البت بالتعيينات.

وفي ما خص إعادة المغتربين والعراقيل التي تحدث عنها الرئيس دياب، رأت المصادر أن ما يهمها هو إعادة المغتربين الى بلدهم وليس الآلية، لأنها من إختصاص الحكومة، ومن حق الدول المضيفة أن تتخذ الاحتياطات اللازمة في مطاراتها.

التيار "يؤيد" دياب 
مصادر التيار الوطني الحر، من ناحيتها، أيدت ما قاله دياب بشأن التعيينات واعتماد الشفافية والإبتعاد عن المحاصصة، واعتبرت لـ "الأنباء" أن "هذا ما يطالب به التيار منذ دخوله الحياة السياسية مع العلم بأنه يمثل غالبية المسيحيين، لكنه لا يملي شروطه لا في التعيينات ولا في غيرها"، بحسب قولها. وأعربت مصادر التيار عن أسفها لما أسمته "محاولة البعض إملاء الشروط على الحكومة ورئيسها"؛ وشددت على ان هذا "لا يمكن أن تقبل به، والتيار سبق أن أعلن أنه لا يتدخل في عمل الحكومة، وأنه مع إعادة النظر برواتب حاكمية مصرف لبنان والهيئات الرقابية وكل وظائف الفئة الأولى".
 
كل هذا التخبط الحكومي، دفع بكتلة "الوفاء للمقاومة" إلى ضخ جرعة دعم لافتة للحكومة.

تقليص ساعات التجول 
الى ذلك عادت وتيرة حركة المواطنين الى الارتفاع بما ينذر بتداعيات خطيرة على مستوى مكافحة وباء كورونا، وهو ما يستدعي إجراءات أكثر حزما من الدولة اقلها أن يتم فرض حظر التجول. في هذا السياق ابلغت مصادر حكومية "الأنباء" بأن الرئيس حسان دياب وبناءً على المعلومات التي زوده بها كل من وزير الداخلية محمد فهمي والصحة حمد حسن بما خص عدم تقيد البعض بالتعبئة الذاتية والفلتان الذي حصل في اليومين الماضيين، لوّح بإجراءات أكثر شدة في المرحلة المقبلة خاصة إذا حصلت زيادات في أعداد المصابين، الا أن المصادر قالت ان التشديد لن يصل الى إعلان حالة طوارى عامة، لكنه سيؤدي حتما الى تحديد ساعات معينة للتجول ستكون قاسية جدا. إلا أن ما لم تستطع المصادر الحكومية تبريره هو الاحجام الحاصل عن اتخاذ قرار إعلان حالة الطوارئ الذي وحده سيكون كفيلاً بوقف انتشار الوباء. 

من جهة أخرى تمنت مصادر وزير الصحة عبر "الأنباء" على اللبنانيين ضرورة التقيد بالحجر المنزلي وفق التعليمات والارشادات التي تحددها الوزارة، وقالت: "علينا كلبنانيين أخذ العبرة مما يجري في إيطاليا وأسبانيا والولايات المتحدة، ولا أحد يعلم ما تخبأه الأيام المقبلة".