Advertise here

مخاطر انفجار الصراع الأميركي - الإيراني في العراق تتضاعف

01 نيسان 2020 21:23:53

يعيش العراق والعراقيون أزمةً خانقة متعددة الأوجه. فمنذ اندلاع الثورة الشعبية مطلع تشرين الأول، انقسم العراقيون بين مؤيدٍ لها ومعارض، على الرغم من المطالب المحقّة التي يتحدّث عنها الجميع. إلّا أن "شعار إسقاط النظام"- والموجّه ضد منظومة الإسلام السياسي الشيعي والمدعومة من إيران بغطاءٍ أميركي، وهي التي استولت على السلطة منذ انتخابات العام 2005 - وضع أغلبية الطائفة الشيعية في صدامٍ مباشر مع قياداتها السياسية وتنظيماتها المسلّحة، كما وضع العراقيين أمام خياراتٍ مصيرية، كخيار الهوية والمستقبل: أي عراقٍ نريد؟ 

انقسام المعسكر الشيعي على نفسه، كشف عمق الخلاف في البيئة العراقية بين ولاءين، أحدهما لأميركا، وثانيهما لإيران. ويعيّر كل قسم شقيقه بولائه، فالموالي لأمريكا يريد استثمار كراهية العراقيين للنفوذ الإيراني في بلدهم، وما جلبه لهم من خرابٍ وقتلٍ وإبادة. بينما الموالي لإيران يريد استثمار معاداة العراقيين لأمريكا التي غزت بلدهم، واحتلّته، وأشاعت فيه الفوضى، وأسّست للخراب في جميع النواحي.

هذا الانقسام والخلاف على الولاءات تُرجَم صراعاً داخلياً بين القوى والكتل السياسية على منصب رئيس الحكومة (الشيعي). إلّا أنه، ومنذ استقالت حكومة عادل عبد المهدي، وما أعقبها من اغتيالٍ لقائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، وصحبِه على أرض العراق، فقد صعّد ذلك من حدّة الصراع الأميركي – الإيراني، وهذا ما جعل من بلاد ما بين النهرين ساحةَ مواجهةٍ مباشرةٍ بين واشنطن وطهران، بما في ذلك السباق على منصب رئيس الحكومة.

وفي الوقت الذي يكثّف فيه الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة، المحافظ السابق لمدينة النجف (عاصمة الثورة) عدنان الزرفي، من مشاوراته مع الكتل والأحزاب والشخصيات السياسية، مع اقتراب نهاية المهلة الدستورية في 16 نيسان المقبل، فقد أبدت مصادر نيابية في اتصالٍ مع الأنباء، تفاؤلها لناحية نجاح الزرفي في مهمته، قائلةً: "إن 50% من نواب الكُتل الشيعية في البرلمان لا يمانعون تكليف الزرفي تشكيل الحكومة الجديدة"، مرجحةً أن تكون التشكيلة الوزارية جاهـزةً للتصويت أمام مجلس النواب خلال الأسبوعين المقبلَين، وأوضحت أن الزرفي، "يناقش حالياً مع القوى السياسية، ومنظمات المجتمع المدني، تشكيل حكومةٍ تحظى بإجماع الشارع العراقي". وأشارت المصادر إلى أن، "الأجواء المحيطة بتكليفه أفضل من تلك التي كانت تحيط بالمكلّف السابق، محمد توفيق علاوي". 

وكشفت المصادر كذلك عن دخول قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني، الجنرال اسماعيل قاآنــي، على خط المشاورات العراقية للبحث مع الكتل النيابية الموالية لإيران، ومع السلطات السياسية، موقف إيران من الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة، وقالت إن، "إيران تدفع القوى الحليفة لها إلى التوافق فيما بينها، وتحمّل مسؤوليتها، وذلك في إشارة إلى حثّ الكتل الموالية لها لتقاسم السلطة مع الزرفي".

مشاورات قاآني في العراق تندرج ضمن رسائل التصعيد المتبادلة بين طهران وواشنطن، حيث نشر الجيش الأميركي في العراق منظومة باتريوت للدفاع الجوي، وذلك بعد شهرين من تعرّض قواته لهجومٍ بصواريخ باليستية إيرانية، وحيث وصلت إحدى بطاريات الصواريخ إلى قاعدة عين الأسد التي ينتشر فيها جنودٌ أميركيون. وقال مسؤولٌ عسكري أميركي إن بطاريةً أخرى وصلت إلى قاعدة حرير في أربيل في إقليم كردستان، وإن هناك بطاريتان أخريان لا تزالان في الكويت في انتظار نقلهما إلى العراق.

وفي سياقٍ متصلٍ أفادت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية بأن البنتاغون أمر قيادات عسكرية بالتخطيط لتصعيد القتال في العراق لتدمير ميليشيا تدعمها إيران، والتي كانت قد هدّدت باستهداف القوات الأميركية. وأشارت الصحيفة إلى أن قيادات عسكرية أميركية عليا في العراق حذّرت من أن حملةً كهذه قد تكون دموية، وتهدّد بحربٍ مع إيران. وكشفت الصحيفة أيضاً أن وزير الدفاع الأميركي، مارك إسبر، أجاز التخطيط لهذه الحملة بالعراق، وذلك لمنح الرئيس الأميركي دونالد ترامب خيارات الرد على ميليشياتٍ مدعومةٍ من إيران. 

ومن جهته حذّر الحرس الثوري، في بيان له، من أي "خطأ ومغامرة من الأعداء ضد إيران في أي مكان، سيكون آخر أخطائهم"، ونقلت وكالة (إيسنا) الحكومية عن سكرتير مجلس تشخيص مصلحة النظام، والقيادي في الحرس الثوري، محسن رضائي، قوله: "إذا لم تخرج أميركا من العراق، فسيُخرجها الشعب العراقي".

التصعيد الأميركي – الإيراني الذي يُنذر بمخاطر كبيرة على الاستقرار في العراق، ووسط مخاوف من كارثةٍ مالية تضرب البلاد، وتزيد من نسبة الفقر، وتفاقم الأزمة الاجتماعية والاقتصادية الخانقة نتيجة الانخفاض الحاد في أسعار النفط، والذي يرفد موازنة البلاد المالية بنحو 90 في المائة من إجمالي دخلها السنوي، وذلك في ظل مخاوف من اتّساع دائرة انتشار فيروس كورونا وخروجه عن السيطرة، حيث أعلنت خلية الأزمة العراقية احتمال تمديد حظر التجوّل الذي فرضته منذ عشرة أيام، بعد ارتفاع حصيلة الإصابات والوفيات بجائحة كوفيد 19، والتي يستمر انتقالها إلى العراق عبر الزوّار إلى سوريا وإيران على الرغم من إقفال الحدود الرسمية بينهما.