Advertise here

حياة وقف التنفيذ!

29 آذار 2020 16:00:00 - آخر تحديث: 29 آذار 2020 17:41:54

ربما نعيش  اليوم أسوأ أيام حياتنا، ولكنّها الأصدق. قد تكون الأبشع لكنّها الأصفى، والأنقى، والأكثر حبّاً، والأكثر خوفاً، والأكثر مقاومة. قد نكون في أعلى مراحل الإحباط لنكسر حاجز اليأس، ونعود ونقف أمام كل المواجهات بأملٍ أكبر وروحٍ أجمل.

في زمنٍ فُرضت علينا المواجهة، مواجهة نعمة الحياة. حياة كنّا نملّ منها. نتذمّر لتفاصيلها. نهرب منها، ونرجع إليها مجبرين. هي ليست حياة مثلما أردنا، ولطالما تمنّينا المزيد. كنّا دائماً في صفوف الطمّاعين للحياة بكل معاييرها. نعم، لم نرضَ بما لدينا ونتوق للمزيد. لا أقول بأننا كنّا مخطئين، لكنّنا حتماً كنّا غافلين. 
كأن الدنيا اليوم فرضت علينا تبديل الأدوار ، وأرادت أن تخبرنا كم صبرت علينا. صبرت على إجرامنا بحقّها، وعلى جهلنا لقوّتها، وعلى إهمالنا لجمالها، وعلى تخريب معانيها، وعلى قتل عناصرها. نحن اليوم ندفع فاتورة كرهِنا للطبيعة وعدم انسجامنا معها، وندفع فاتورة فرصٍ لم نستفِد منها. 

نحن اليوم، ندفع فاتورة عدم تصالحنا مع ذواتنا، ومع محيطنا وبيئتنا. نعيش حياةً قيد التأجيل لتؤهلنا إلى إكمالها بشكلٍ سليم وأقوى. كل ما في الكون يدعونا إلى العودة لذاوتنا، لأعماقنا . اليوم عرفتم أنّ نعمة الصحّة هي الأقوى، وأنّ أنفاسنا التي 
سبقت كانت كلّها نِعَماً، ولم نشعر بها. كانت حرّيتنا نعمةً لم نأبه لوجودها. 

تعلّمنا اليوم الكثير. أدركنا أن العائلة هي الأساس، وأنّ الحب مظلّة كل إنسان، ووحده الوعي والعقل ينصفاننا. تعلمنا أن نشكر اللّه على نِعَمٍ فاتنا وجودها، واليوم عرفناها. سننجو نعم، لكننا سنغيّر ما كنّا عليه. سنصبح أكثر بساطةً، وأكثر أملاً، وأكثر حياةً بعد وقف تنفيذ الحياة، سنعرف تنفيذ وقف الموت، لا بل وقف الألم. 

فاعقلوا. توكّلوا وتغيّروا.

الآراء الواردة في هذه الصفحة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جريدة الأنباء التي لا تتحمل مسؤولية ما تتضمنه.