Advertise here

قرار بإعادة المغتربين ورافضوه باتوا يزايدون.. الجميع عادوا لموقف جنبلاط

29 آذار 2020 05:25:00 - آخر تحديث: 29 آذار 2020 12:14:46

عندما أثار رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ملف اللبنانيين العالقين في الخارج، وواجب الدولة بإعادتهم، قامت دنيا بعض مَن يتولون الحكم ولم تقعد ضدّه، وكالمعتاد انبرت جوقة التهجم والاتهام بالمزايدة. لكن موقف جنبلاط الحريص لاقاه فيه رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي بحث هذه المسألة جدياً مع رئيس الحكومة حسان دياب، لكنّه لم يلمس النيّة الكافية لحل هذه القضية، ثم خرج وزير الخارجية ناصيف حتي، المفترض أنه المعني مباشرة بأوضاع المغتربين ليتحدث عن استحالة عودة هؤلاء في هذه الظروف، ونصحهم بترتيب أوضاعهم في الدول التي يتواجدون فيها، فكانت رسالة بري حاسمة: تعليق المشاركة بالحكومة حتى عودة المغتربين الراغبين.

تحرّكت الحكومة فور دقّ جرس الإنذار من بري، وباتت الجوقة التي هاجمت جنبلاط على موقفه، هي نفسها المهلّلة لإعادة المغتربين. وكعادته في محاولة نسب كل الأمور اليه، خرج رئيس التيار الوطني الحر، النائب جبران باسيل، ليتحدث عن "جهوزية" تياره لإنجاز تلك العودة، ثم استغلّ ذلك ليستخدم مسألة النازحين السوريين في بازار مزايداته الممجوجة، مطالباً بفتح المعابر لعودتهم إلى بلدهم "أسوة بعودة اللبنانيين"، و"بالحوار مع النظام السوري".

مصادر في كتلة التنمية والتحرير تناولت في حديث مع "الأنباء" مواقف باسيل، و"اهتمامه بموضوع المغتربين منذ بداية العهدن وفي الفترة التي سبقت الانتخابات النيابية، وكيف أنه لم يترك بلداً إلّا وزاره والتقى الجالية اللبنانية فيه، وبالأخص الجالية اللبنانية في أفريقيا، وكم كان متحمسًاً لمشاركتهم في الانتخابات لدرجة جعلته يطالب بتمثيلهم في الندوة البرلمانية، وطلب المساعدة منهم وجمع التبرعات، في حين نجد الآن أن فريقه السياسي يتنكّر لهم، ولأبسط حقوقهم على الدولة في هذه الظروف الصعبة التي يعيشها العالم بسبب تفشي فيروس كورونا". 
وقالت مصادر الكتلة إن، "هؤلاء ليسوا مستعدين للموت خارج بلدهم، ويريدون العودة إلى وطنهم وأهلهم. وبدل الاهتمام بهم، قامت  وزارة الخارجية بالاتصال بكل الجاليات اللبنانية في الخارج لتطلب منهم التنسيق مع الدول المضيفة، والتي تعاني بدورها الأمرّين لإنقاذ شعوبها".

المصادر أسفت لهذه المواقف "غير المسؤولة التي تصدر من قبل مرجعيات في الحكومة، سواءً من رئيسها أو من بعض الوزراء"، ورأت فيها، "إضعافاً لحسّ المسؤولية، إذ لا يجوز أن يتصرّف المسؤول على هواه. ومَن كانت لديه هذه النزعة السلوكية لا يحق له تسلّم المسؤولية والتحدث باسم اللبنانيين".

ولفتت مصادر "التنمية والتحرير" إلى، "الكثير من الخلافات التي حصلت في العقود الماضية بين العديد من المسؤولين والقيادات السياسية. لكن الخطاب السياسي لم ينحدر في يومٍ من الأيام إلى هذا الدِرك الذي هو عليه اليوم". ودعت من هُم في المسؤولية "للاقتداء بمواقف بري وجنبلاط، وكيف يتصرفان في الظروف الصعبة والمصيرية".

في المقابل فإن مصادر التيار الوطني الحر سعت إلى تأكيد دعمها وتأييدها لإعادة المغتربين إلى بلدهم، وبرّرت في حديثها لجريدة "الأنباء" بأن "التيار لم يكن في يوم من الأيام ضد هذه العودة، ولكن في هذه الظروف آلية إعادتهم تبدو مختلفة مع توقف معظم شركات الطيران عن العمل، وإعلان العديد من الدول إقفال المطارات، الأمر الذي يتطلب اتصالات على أرفع المستويات بين الدول". 

وإذ رفضت مصادر التيار التعليق على موقف الرئيس بري لأن الأمور برأيها، "لم تصل إلى حد تعليق مشاركة الثنائي الشيعي في الحكومة بسبب إعادة المغتربين".

في غضون ذلك، فإن مصادر متابعة توقعت في اتصالٍ مع "الأنباء" أن تعلن الحكومة في جلسة الثلاثاء قراراً بإعادة المغتربين بعد أن تضع الآلية المطلوبة لهذه العودة، بالتنسيق مع شركة طيران الشرق الأوسط، والسفراء المعتمدين في دول الانتشار الذين يتواصلون بدورهم مع الجاليات اللبنانية، لمعرفة أعداد الراغبين بالعودة. ورأت المصادر أن هذا الأمر يتطلب تجهيز طائراتٍ خاصة في حال وجود مصابين بين المغتربين، وتأمين غرف حجرٍ لهم بعد وصولهم الى مطار بيروت، كما سبق واقترح جنبلاط في إطلالته التلفزيونية الأخيرة، أو في أي مكانٍ آخر. وهذا الإجراء متّبع في معظم دول العالم.

المصادر المتابعة أكّدت أن الأسبوع المقبل، "سيكون حاسماً في هذا الموضوع، لكن طيّ هذه الصفحة لا يعني أن الأمور عادت إلى مسارها الطبيعي، فالخلافات داخل الحكومة متعددة ومتشعبة، لأن الوزراء المحسوبين على بعض التيارات السياسية أصبحوا يجاهرون بانتماءاتهم الحزبية، وهو ما أسقط عنهم تسمية التكنوقراط. وهذا واضحٌ من خلال عدم مقاربتهم للملفات الاقتصادية المتعلقة بالخطة الإنقاذية التي لم يعد احد يتحدث عنها، لدرجة أصبح هناك خوف حقيقي على الودائع لا سيما وأن احتياطي الدولة لا يكفي لدفع رواتب القطاع العام إلّا لثلاثة، أو أربعة، أشهر على أبعد تقدير".

وعلى الصعيد الصحي، فقد لفتت مصادر وزير الصحة عبر "الأنباء" إلى ارتياحه للنتائج التي تصدر عن منظمة الصحة العالمية باتّجاه لبنان وإمكانية عدم تصنيفه من بين الدول الموبوءة، حيث يمكن القول إن الوضع لا زال تحت السيطرة، ولم تصل الأمور إلى مرحلة الانتشار السريع، لكنّها أكّدت أنه لا يمكن الركون إلى ذلك، بل يجب مواصلة تشديد كل الإجراءات حتى الانتهاء التام للتهديد الصحي.

ولفتت المصادر إلى الحسّ العالي من المسؤولية لدى المواطنين الذين يلتزمون منازلهم، فذلك يبقى الحل الأمثل. وأكدت أن التزام اللبنانيين بالتعبئة العامة لغاية 12 نيسان المقبل قد يؤدي إلى عدم ارتفاع أعداد المصابين ما يؤشّر إلى إمكانية التغلّب على الوباء.

مصادر وزير الصحة نقلت عنه ترحيبه بالمبادرات الفردية التي تقوم بها بعض القوى السياسية من خلال تقديم مراكز للحجر الصحي، وهو ما يبعث على الارتياح من خلال مشاركة كل القوى السياسية بالمسؤولية والتصدي لكورونا.