Advertise here

الاستخفاف جريمة... تذكّروا تحذير كمال جنبلاط: لا تعبدوا الموت والمرض

28 آذار 2020 14:32:00 - آخر تحديث: 28 آذار 2020 15:02:01

ربما هناك شعب على هذه الأرض لا يعرف المرض... ربما، لكنه بالطبع ليس هو شعب الحضارة الذي يعيش يومياتها ونمط زمن العولمة، ولعلّ شعب "الهونزا" المثال الوحيد الذي عرفته العقود الماضية.

فالإنسان ابن الطبيعة وابن الأرض، ومتى خرج عن نظامهما حكماً بات عرضة للأمراض، ويقول أب الأطباء أبقراط الحكيم "دواءك في غذائك"، فأي غذاء نأكل في زمن يجري فيه توظيف مئات المليارات في الصناعات الغذائية والصيدلية؟

المرض ليس قدراً على البشرية، إنما نتيجة لانحرافها، ثم لاحقاً لتحوّل الطب إلى تجارة، فالوضع الطبي يعتمد دخله المادي على انتشار الأمراض وليس على زوالها.

ومن المفيد أن نعود دائما إلى كمال جنبلاط الذي يقول: "إن الانسان يفقد غريزة الانتساب إلى جنسه وإلى الطبيعة المحيطة به. فهو لا يشعر ولا يعرف لماذا يعيش، ويجهل مصيره. إن الانسان، وقد تسمم بالأطعمة الميتة بنزعة عمياء، إرضاء لحاجاته، قد أوجد الظروف التي ساعدت على تحويل انحطاط جنسه بشكل بطيء، الى عملية إفساد تصاعدية. ولقد سمّم ذلك عقله لدرجة انه لم يعد يرى ويفهم كيف انه أفسد الهواء والماء والأرض والطعام، واتخذ سبيل القضاء على نفسه بنفسه. وها هي الأعراض بادية في الأدب والصحافة والتلفزيون والسينما والمسرح، وفي "عبادة الموت"، وسوى ذلك من مظاهر الحياة الحديثة: "عبادة المرض"، هذا بالاضافة الى الظاهرات الاخرى كالأفراض النفسانية وهوس التسلح والحروب". 

نعود الى كمال جنبلاط فيما وباء العصر يحاصر الكوكب برمته، ويدق أبواب كل البيوت وليس في أحكامه من استثناءات.

لكن للأسف يصرّ البعض على ممارسة الجهل في وجه فيروس كورونا القاتل، تارة بالاستهتار والاستسهال، وتارة أخرى باللجوء الى افكار تتلطى بالإيمانية فتكفّر العلم وتكبّل العقل وتسخّف ضرورة الوقاية كوسيلة وحيدة لمنع تفشي هذا الفيروس وتحويل المجتمع الى بيئة موبوءة، والمشهد الايطالي لا يزال ماثلا امام كل العالم.

الاستخفاف جريمة، وكذلك تحريض الرأي العام على مفاهيم سطحية تبعده عن سبل الوقاية وتحوّله الى فريسة للمرض.

الايمان ملجأ الانسان في قوته وكمال صحته قبل ضعفه، وعبادة المرض هي فعل جهل لا فعل ايمان، وما الشرائع الروحانية وما توليه من أولوية لأدب الطعام وتأثيره على صحة الانسان سوى خير دليل على أن لجسد الانسان حق عليه والحفاظ عليه واجب على الانسان.

فالتوقي كل التوقي، والمسؤولية مجتمعية مشتركة وليست خيارات شخصية يمكن التعبير عنها بشكل متفلّت من اي اعتبارات للسلامة العامة في وقت كل العالم يستنفر لمواجهة الوباء.

نعم لا بد من القول ان الاستخفاف جريمة... واحذروا التضليل ولا تعبدوا المرض.