Advertise here

في ذكرى رحيله "الأنباء" تعيد نشر وصية سلطان باشا الأطرش

26 آذار 2020 21:02:57

تحلّ الذكرى الثامنة والثلاثون لرحيل قائد الثورة السورية الكبرى سلطان باشا الأطرش فيما معاناة الشعب السوري الرازح تستمر بشكل مطّرد. وساحة المرجة في دمشق التي رفع فيها العلم العربي لا بدّ أنها تنتظر من يعيد اليها وهج الحرية المسلوبة.

لم يكن سلطان من صنف المتخاذلين أو المترددين، إذ بعد معركة ميسلون واستشهاد يوسف العظمة، جهّز قوة من رجاله اشتبكت مع الفرنسيين في معركة تل الحديد 1922 أباد خلالها فرقة فرنسية بكاملها، لتبدأ معها معركته مع الفرنسيين، التي مهدت للثورة الكبرى عام 1925 تولى قيادتها بإجماع القادة السوريين.

وقد أجبرت الثورة فرنسا على إعادة توحيد سوريا بعد أن قسمتها إلى دويلات، كما اضطرت إلى الموافقة على إجراء انتخابات فازت فيها المعارضة الوطنية.

لم يتوقف نضال سلطان الأطرش بعد الثورة، بل شارك أيضاً في الانتفاضة السورية عام 1945، كما دعا في العام 1948 إلى تأسيس جيش عربي موحد لتحرير فلسطين.

في أيامه الأخيرة كتب سلطان باشا الأطرش وصية هذا نصّها:
"إخواني وأبنائي العرب
عزمت وأنا في أيامي الأخيرة، أنتظر الموت الحق، أن أخاطبكم مودّعًا وموصيًا. لقد أولتني هذه الأمة قيادة الثورة السورية الكبرى ضد الاحتلال الفرنسي الغاشم، فنهضت بأمانة القيادة وطلبتُ الشهادة وأديتُ الأمانة. انطلقت الثورة من الجبل الأشمّ جبل العرب لتشمل وتعمّ، وكان شعارها: «الدين لله والوطن للجميع»، وأعتقد أنها حققت لكم عزة وفخارًا وللاستعمار ذلًا وانكسارًا. وصيتي لكم، إخوتي وأبنائي العرب هي أن أمامكم طريقًا طويلة ومشقة شديدة تحتاج إلى جهاد وجهاد: جهاد مع النفس وجهاد مع العدو. فاصبروا صبر الأحرار ولتكن وحدتكم الوطنية وقوة إيمانكم وتراصّ صفوفكم هي سبيلكم لردّ كيد الأعداء وطرد الغاصبين وتحرير الأرض. واعلموا أن الحفاظ على الاستقلال أمانة في أعناقكم بعد أن مات من أجله العديد من الشهداء وسالت للوصول إليه الكثير من الدماء. واعلموا أن وحدة العرب هي المنعة والقوة وأنها حلم الأجيال وطريق الخلاص. واعلموا أن ما أُخِذَ بالسيف، بالسيف يُؤخَذ، وأن الإيمان أقوى من كل سلاح، وأن كأس الحنظل في العز أشهى من ماء الحياة مع الذل، وأن الإيمان يُشحَن بالصبر ويُحفَظ بالعدل ويُعَزّز باليقين ويُقوّى بالجهاد. عودوا إلى تاريخكم الحافل بالبطولات، الزاخر بالأمجاد لأني لم أرَ أقوى تأثيرًا في النفوس من قراءة التاريخ لتنبيه الشعور وإيقاظ الهمم لاستنهاض الشعوب فتظفر بحريتها وتحقق وحدتها وترفع أعلام النصر.
واعلموا أن التقوى لله والحب للأرض، وأن الحق منتصر وأن الشرف بالحفاظ على الخلق، وأن الاعتزاز بالحرية والفخر بالكرامة وأن النهوض بالعلم والعمل، وأن الأمن بالعدل وأن بالتعاون قوة.
الحمد لله ثم الحمد لله. لقد أعطاني عمرًا قضيته جهادًا وأمضيته زهدًا، ثبتني وهداني وأعانني بإخواني، أسأله المغفرة وبه المستعان وهو حسبي ونعم الوكيل. أما ما خلّفتُه من رزق ومال فهو جهد فلاح متواضع تحكمه قواعد الشريعة السمحاء".

 
رفض الأطرش أي مناصب سياسية عرضت عليه بعد الاستقلال. وتوفي عام 1982 بسبب أزمة قلبية، وحضر جنازته أكثر من مليون شخص.