Advertise here

وحدة الأراضي السورية هي الأساس

21 آذار 2020 10:40:59

وفقاً لإحصاءات منظمة الأمم المُتحدة ووكالاتها المُتخصِصة؛ فقد كانت النكبة التي حلَّت بالجمهورية العربية السورية هي الكبرى بعد كارثة الحرب العالمية الثانية، وقالت الأُمم المتحدة: إنه منذ آذار /‏ مارس 2011 هناك 380 ألف مواطن عربي سوري قتلوا في الأحداث، بينهم 22 ألف طفل، وما يقارب 11.5 مليون نزحوا عن منازلهم، منهم 6 ملايين مهجَّر من منطقة إلى منطقة أُخرى داخل سوريا ذاتها، وهناك 83% من السوريين يرزحون تحت خط الفقر، وتقول الأمم المتحدة أيضاً: أن كلفة إعادة إعمار ما تهدم تقارب ال 500 مليار دولار أمريكي.
هول الكارثة الإنسانية التي أصابت سوريا لا يعني بأي حال من الأحوال التسليم بوقوعها فريسة نهائية بيد الطامعين بها. والتدخلات الأجنبية التي استباحت سوريا العربية من كل حدبٍ وصوب، مُضافاً إليها المنظمات الإرهابية التي مارست كل أنواع الإجرام؛ لا يمكن لها أن تُلغي واقعة كون سوريا قلب العروبة النابض، وهي حجر الزاوية في البناء العربي، ولها في التاريخ العربي مكانةً متقدمة لا تمحوها السنين.
من المؤكد أن وحدة الأراضي السورية مُهددة بمجموعة كبيرة من الأخطار، والانفلاش الغريب الذي مارسته بعض القوى الخارجية على الأراضي السورية يشكِّل عدواناً سافراً يستهدف وحدة الدولة واستقلال أراضيها،مهما كانت مُبررات هذه التدخلات.
مهما زادت الأخطار، ومهما تفاقمت المآسي الإنسانية في سوريا؛ فإن وحدة الأراضي السورية تبقى كما وحدة الدولة هي الضمانة لمستقبل الشعب السوري، وهي الكفيلة بتضميد جراح السوريين البليغة، خصوصاً في زمن تُرافق فيه مأساة سوريا مجموعة من المشاريع المشبوهة، من ضمن ما تستهدفه: إقامة كيانات إثنية وطائفية وفئوية، وإحداث تغييرات ديموغرافية في عدد من المدن والمناطق السورية. هذه المشاريع المشبوهة لا يمكن لها أن تعيش طويلاً، ولا أن تأتي بالاستقرار، وهي فقط تستقدم الويلات الدائمة، أو الحروب الدائمة التي تستنزف الشعب السوري ومقدراته، من دون أن تقدم أي فائدة لهذا الشعب.
وفي السياق؛ لا بد من احترام مسار الحوار بين السوريين كخيار وحيد للحل، وبرعاية عربية مُستجدة، بما في ذلك تعميم تجربة الحوار الذي تعمل عليه مصر بين القوات الحكومية وممثلي قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والتي يمكن لها أن تسحب الحجة الواهية من أمام القوات التركية بإقامة شريط ترابي داخل سوريا بعمق 30 كلم محاذٍ للحدود التركية، وهو بمنزلة احتلال مقنَّع للأراضي السورية.
وما ورد في بعض جوانب البيان المشترك الذي صدر عن اجتماع القمة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس التركي رجب طيب أردوغان في موسكو في 5 مارس /‏ آذار حول إدلب السورية؛ يمكن أن يؤسس لمقاربة واقعية مستقبلية تضع حداً للمقاربات الخاصة التي قد تتحوَّل مع الوقت إلى نوع من أنواع الاحتلال بحجة الدفاع عن المدنيين. وخاصة العبارات الواضحة التي جاءت في البيان، وأكدت «الوحدة الإقليمية للأراضي السورية واستقلال سوريا وسيادتها».
من الواضح أن مساعي عربية جديدة بدأت تطفو في أُفق الأزمة السورية، والجميع ينتظر أن تقود هذه المساعي إلى بداية حلحلة في مسار التسوية المعقدة، خصوصاً لناحية التأكيد على تحقيق مصالحة وطنية بالحد الأدنى تحفظ وحدة الشعب السوري، وتؤسس لمستقبل مشترك يُجنب سوريا بكل مكوناتها مزيداً من المآسي، ويحفظ وحدة ترابها.
لقد شكل قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 2254 أساساً واقعياً للولوج إلى حلٍ مرضٍ، وهو ما أيدته جامعة الدول العربية، وأساس هذا القرار تأكيد وحدة الأراضي السورية، ووقف التدخلات الخارجية في شؤون البلد الجريح، وتحقيق مصالحة وطنية قائمة على تسوية سياسية تفرض تعديلات دستورية واضحة، تحفظ سلامة كل السوريين وحقوقهم المشروعة.