Advertise here

همسة وفاء لذكرى...

16 آذار 2020 18:30:23

"شهادة الأموات تكون مرّة في العمر. أمّا شهادة الأحياء فهي دوام الشهادة على ما تفرضه في كلّ يوم من الارتفاع فوق مستوى الصغائر، ومعاكسة الأنانية حتى محوها، وتنزيل القيمة في نشاط الحياة، في حياة كلّ يوم. وإنمّا وُجدنا أساساً لكي نحيا، لا لكي نموت. وإنما الموت فكرةٌ لا أكثر. فهل تستطيع الروح أن تموت؟ تلك هي الطريق في حياة الشعوب إذا أرادت الحياة..."
 كمال جنبلاط...

في السادس عشر من آذار 1977حاول عشّاق الظلام أن يضعوا نهاية رحلة "لضيف الزمان" الذي جاء مبشِّراً بالعدالة والمحبة والسلام. يومها توقّف الزمن برهةً، وتداعت"الدوالي العوج" لتنفض عن شهيدها المحبوب ورفيقيه قطرات الدم. وعوض أن تكون النهاية، كانت البداية. بداية فصلٍ من فصول حياتنا، وشيء أوحد نحياه كل يوم مع إشراقة كلّ شمس، ومع تفتّح كلّ ربيع، ومع انفلاق كلّ حياة. إنه روحك أيها المعلّم. روحك الطاهرة طهرَ الحقيقة، وانبلاج النور في مساكن الأنا، ومن روحك الطاهرة تجسّدت براعم أملٍ، ونبراس مسلكٍ، وتراثٌ نسير به، ونهتدي بهديه...
وستبقى المبادئ هي المبادئ
والرجال رجالاً...
ومع كل نبض قلبٍ نقول: يا معلّمي...
إننا لا زلنا نحفظ العهد للمبادئ والفكر،
 ولا زلنا نعتصم بحبل الوفاء،
وبقيادة الوليد الحكيمة، وتيمور وعد الشباب،
ونلتقي، ونسير، مع المؤمنين بقيام وطنٍ حرٍ لشعبٍ سعيد.
 ويبقى ضريحك مقصداً للأحرار...
ولكل مواطنٍ حرٍ يناضل للعيش الكريم.
 ولا زلنا ننسج من أمسِكَ سراجَ غدِنا الآتي
لك، ولرفيقيك، المجد والخلود، ولك السعادة
 في ذلك "اللّا- زمان" الذي كنتَ تراه، 
وكأني بكَ تُنشد قائلاً: 
آلهتي عاشوا حقاً، 
وها أنا،
أسقطُ أخيراً كثمرةٍ ناضجة،
كسورٍ في الغابة التي تُقطع.
في قلبي المتحرّر ينفخُ روح البقاء،
وفي فرح الوجود أمرحُ بكلّ طاقتي.
ونسمعك في كل حين تردّد،
دعوا الأمور تجري كما تجري الأحلام.
دعوني أموت...
ودعوني أولد...
لأنني في كل لحظة،
أموتُ وأولد في الكون.

وأخيراً، ليس آخراً...
كما كنت تقول يا معلّمي...
علينا إخراج الإنسان من سجنه، سجن مذهبه، وكسله، وجموده في الحياة، لأنّ الحياة كلّها حركة، وعمل، وإقدام...
ونقول تحيةً لروحك...
وكلّ ذكرى وعشاق الحرية من السجن الكبير إلى عالمٍ يستحق الحياة، بحريةٍ وسلام، وأنتم بخير...