Advertise here

طال ارتحالك

16 آذار 2020 16:55:00 - آخر تحديث: 16 آذار 2020 16:59:53

لن نزور ضريحكَ هذا العام، لكننا سوف نزور كتابكَ. سَوف نزور أثير أفكارك، ونشرب من مواعين تقدميّتك معلّمي...

إنّه زمنُ تخبّط الإنسانية على أصعدٍ عدة، ومنها صحياً وهذا هو الأبرز اليوم، وينذر بكوارث. واقتصادياً، وهذا ينذر بالمجاعات. وسياسياً، وهذا يتجلّى في التدنّي الأخلاقي، والصراع المذهبي والعقائدي، وصراع الشرق والغرب. وفكرياً، وهذا يُظهر كم تدنّت حرية الإنسان، وكم زاد ارتباطه بالمادة، وبالمدنية المتصلّبة الداكنة التي سلخت الإنسان عن أرضه، وعاداته، ونفسه، لترهنه بالجشع الرأسمالي، وبالأنانية الفردية للبروز بنجاحه أو ماله. واجتماعياً، وهذا يتجلّى بالتفكّك الأسري الحاصل بالتهاء كل أفراد العائلة بالتحصيل المادي، حتى باتت العائلة مختصرةً بوقت الفراغ، أو المساء المتعب...

أين نحن معلّمي. أين... نعم، لقد طال ارتحالك... ولمعت تقدميّتك لتُثبت كم نحن بحاجة إليها...

في زمن الوباء عدنا، وعادت البشرية، إلى ما أثنيتَ عليه، وهو تعلّم علوم الصحة لا علوم المرض، وعلوم تقوية صحة الإنسان، ومقدّراته البيولوجية لمكافحة المرض، وما يستتبع ذلك من تغييرٍ في نواحي الحياة اليومية لأجل البقاء، ولأجل التطوّر. وها هي علوم المرض عجزت عن مكافحة ذلك المخلوق المجهري الذكي، لا بل إنها خافت وذُهلت بهذا الفيروس الذي ربما قد تسبّب به الإنسان تقنياً بشرِّ علمه، أو أتى كبذرةٍ من شرٍ آلت إليه الحياة.

في زمن الكساد والحاجة، ورغم كل المقدّرات وتطور الآلة نسعى، وبخوف، إلى البحث عن أمنٍ غذائي. لماذا؟ أليس بسبب بُعدنا عن الأرض التي طالما ناديتَ بضرورة العودة إليها، فهي أساس لوجودنا ولبقائنا. أليسَ هذا بسبب تنكّرنا للأفكار المستوردة دون أي بحثٍ وتدقيق، ودون التزامٍ بنهج التطوّر الأصيل للبقاء.
أردتُ في ذكراك أن استشهدَ بواقعٍ مرير قد حذّرتَ منه كثيراً معلّمي. فقد حان موعد العودة إلى الذات، إلى الغاية الجميلة "الانسان". وفي هذه الذكرى على كل أطياف المجتمع أن تعي بأن شرب ماء نهر علمك هو دواءٌ لأجل الحياة، لأجل الإنسان.

ظنّوا أنهم قتلوك، وغاب عنهم أنّك ولدتَ فينا، وتقمّص فكركَ في عقولنا، فهذه مسؤوليتنا في هذا العالم تجاهك. معلّمي، لن نزور ضريحكَ هذا العام، ولكننا سوف نزور كتابك. سوف نزور أثير أفكارك، ونشرب من مواعين تقدميّتك معلمي؛ ففي كل يومٍ سوف نمارس تقدميّتنا الاشتراكية لأجل "مواطن حر وشعب سعيد"، ونحو حقبةٍ جديدةٍ من النضال لأجل الإنسان، ولأجل الوطن، ولأجل العروبة، ولأجل البشرية.