Advertise here

العودة إليك... كمال جنبلاط

16 آذار 2020 12:40:20

نعم، كمال جنبلاط حانت العودة إليك
فربما لم نفهمك كفاية
أو تأخّرنا أيها المعلّم.

إليك نعود، ومنك نستقي الأمل، وعليك نعوّل، وبكَ ننتصر. وأنت الحاضر في كل حدث. نراكَ ونرى كم يشبهك وليد جنبلاط أكثر من أي وقتٍ مضى، لما يحمله من فكرك وضميرك يا نصير الفقراء، وحيث يشدّ الهمم، ويستبق الحدث، ويعالج الألم كأبٍ وأخ، وحريص، وليس كسياسيٍ أو رجل دِين.

نخاطبك وأنت في عليائك تحلق بعيداً في أفكارك حيث لا يصل أحد، وتنهض للنجدة كمارد. عند كل حاجة نسألكَ في كل شأن، والجواب دائماً موجود. لا نستطيع أن نحرجك يوماً بشأنٍ أو بجواب، فأنت تسمو يوماً بعد يوم، وتكبر يوماً بعد يوم، وتعيش أكثر، وتخلد أكثر، وتزهو أفكارك أكثر، وكأنك تتجدّد كالمواسم، وتزهو كالثمار. وما يعزّينا أيها المعلّم أننا كلما انحدرنا إلى الهاوية نعود إليك لتصوّب لنا الطريق، وتحدّد لنا الأهداف وتقول هنا لا، وهناك نعم، والآن ليس الوقت، وغداً سيأتي اليوم الذي تعودون فيه إلى مبادئي، وتتكلمون لغتي، وتقرأون في كتابي من جديد.  عندها سيكون الكلام سيّداً، والفكر إماماً، والسلوك ديناً. يومها سيقول الرجل منكم، نعم لوطني قبل كل شيء. نعم لمستقبلي قبل كل شيء. نعم لثقافة الحياة، وأهلاً بالشهادة في الدفاع عن الوطن. الوطن فقط. 

فالعودة إلى مبادئك هي خيار الأحرار في أوقات الشدّة، وسلوك الأخيار في عزّ الأزمات. العودة إلى مبادئك تختصر الكثير من الدراسات، والتحاليل، والأفكار. فالعودة إليك هي دِين الأحرار، وقدر الأبطال، ورزق الأوطان.

فربما فكرك الثاقب، وعقلك الجارف أغرقنا في الشكل، وأنسانا  المضمون. أيها المعلّم. يا رفيق الأحرار، وجليس المتواضعين، وأبا الفقراء. 

قرأنا كتاب أدب الحياة لنزيد معارفنا، وليس لنطبّق مبادئك في السلام، والكلام، والجلوس، والنظافة، ليتبيّن أن كلامك كان لأجيالٍ لم تولد بعد، ولأحوالٍ لم نفهمها يومها.

قرأنا الشفافية عندك لنميّزك، وربما لم نعمل على تطبيقها، أو أفقدتنا متعة الحياة، والنجاح، والثروة، عامل القوة في تحقيقها والعمل من اجلها.

قرأنا مبادئك في الدولة والمواطنية، ولم نتمكّن حتى الآن من تعميمها ونشرها، ولم نبني تحالفاتنا من أجل تحقيقها، والارتقاء إليها.

شعرنا بانتمائك إلى الضمير الحي يوم أحييته في سلوكك ومسيرتك، ومع شركائك وحلفائك، وحتى أخصامك. ونحن في لبنان نزكي الخارج، والقوة، والسلاح، والفتاوى، على حساب الضمير والوطن.

نعم فقد حان الوقت أيها المعلّم أن نعود إليك، ربما نستطيع اللحاق بالمستقبل الذاهب، أو بالوطن الذائب في غياهب السلطة والفساد والجهل. 

ربما نستطيع اللحاق بإنسانيتنا وطبيعتنا، ونعيش كأناسٍ يشعر أحدنا بالآخر، ونحسّ بالفقراء، ونجالس البسطاء، ونؤوي المظلومين.

ربما نستطيع عبادة الله كما كنتَ تفعل في جلساتك المتواضعة، وأن نبتعد عن الوسطاء، والمبشِّرين بالدِين، وقصور سلاطين الدِّين البعيدين كل البعد عن الله. 

ربما، وربما نستطيع فعل الكثير، وتحديث المسار، وتغيير المصير إذا عدنا إليك أيها المعلم الجليل.