Advertise here

مواجهة كورونا في غياب الدولة

15 آذار 2020 20:57:54

كل دول العالم منذ بدء أزمة كورونا، وكل رئيس دولةٍ، أو رئيس حكومةٍ يتابع على الأرض التطورات، ويتّخذ التدابير الاستثنائية في دولته حمايةً لشعبه، إلّا في لبنان... فلم نسمع إلّا صوت وزير الصحة، من، "لا داعي للهلع"، وحتى، "خلص الدلع"، إلى مرحلة الانتشار، والعجز عن السيطرة في ظل نقصٍ بالمعدات. لكن مع الجهود الحثيثة بذلتها وزارة الصحة، وأبطال لبنان كلٍ من الممرضين، والممرضات،  والأطباء، وطلّاب الجامعة اللبنانية، ومستشفى رفيق الحريري، والصليب الأحمر، كان كلٌ من الحكومة والعهد يراقبان الموت الصامت للشعب اللبناني من دون إغلاق الحدود البرية، والبحرية، والجوية، مع البلدان الموبوءة. والمؤسف هو أننا لم  نشعر لا بوجود رئيس البلاد، ولا بوجود رئيس الحكومة، في هذه المحنة باستثناء طلة وزيرة الإعلام القارئة للبيان الهش.

واليوم، وبعد مرور ثلاثة أسابيع على أزمة كورونا، خطر ببال الدولة المجيدة الاجتماع للإعلان عن حالة طوارئ. جيّد، ولكن أي حالة طوارئ؟ بالطبع طوارئ صحيّة، وليس حالة الطوارئ العامة بالمعنى الفعلي والقانوني، خوفاً من أن تخسر صلاحياتها، ويسيطر على الصلاحيات الجيش اللبناني الذي يثق به الشعب اللبناني. في لبنان، حتى السلطة أغلى من أرواح البشر في زمن المحن، ولن تستطيع الدولة أن تتخلى عن هذه السلطة البالية، وهي التي أثبتت فشلها حتى في إدارة أخطر الأزمات. فتباً لأي سلطةٍ لا تضع السلامة العامة أولوية الأولويات لديها، ولا تنقذ شعبها إنسانياً قبل السياسة...

وهنا نشكر السيّد حسن نصرالله الذي لفتَ أهل الحكم لاتّخاذ التدابير اللازمة نافياً أي علاقةٍ لحزب الله في تأخير أي إجراءاتٍ وقائية لمكافحة هذا الفيروس المستجد.

ولكن في العمق، مَن المسؤول عن الأمن الصحّي في البلاد؟ ولماذا ينتظر رئيس البلاد، أو رئيس الحكومة، الضوء الأخضر من مرجعيةٍ كبرى في البلاد؟ ألا يستحق شعب لبنان التضحية بإغلاق الحدود، ووقف الطيران مع الدول الموبوءة منذ وصول أول حالة  كورونا إلى لبنان؟ وهنا تبرز المواقف الوطنية، ومواقف رجال الدولة.

في زمن مواجهة كورونا إعلامياً، ومدنياً، وإنسانياً، ووقائياً، ولوجستياً، تحيةً إلى كل لبناني ينشر الوعي لغيره، ويتقيّد بالإجراءات الوقائية في كل منطقة من لبنان.

تحيةً إلى كل بلديةٍ، وقريةٍ، وشباب وشابات هذه القرى على نخوتهم الكبرى.

تحيةً إلى الحزب التقدمي الاشتراكي، ورئيسه وليد جنبلاط، وشباب الحزب المندفع الذي أخد بتوجيهات رئيس الحزب، وقام بنشر الوعي والإجراءات الوقائية في المراكز، والدوائر الرسمية، ودور العبادة، والبيوتات العائلية، وغيرها من مراكز التجمّعات في الشوف، وعاليه، والمتن. والشكر الكبير على كل التقديمات التي منحها وليد جنبلاط للبلديات، ولمستشفى عين وزين في الجبل، حتى تتمكّن من استقبال أي مريض كورونا عبر وجود معدّات طبية حديثة لهذا الفيروس المستجد.

تحيةً للنائب الدكتور فادي علامة على الخطوة الإنسانية بتقديم مخصصاته للعاملين في مستشفى رفيق الحريري حتى نهاية الأزمة.
وتحيةً للنائب زياد حوّاط الذي أعلن حالة الطوارئ في مدينة جبيل.

وتحيةً للإعلام اللبناني المسؤول الذي يقوم بعمل الدولة.

ونسأل، ونستغرب، لماذا يقوم الزعيم والنائب، كلٌ على طريقته في حماية أهل منطقته، أي كما يجب أن تقوم به الدولة؟ بالطبع، لأن لا دولة، ولا هيبة دولة في لبنان.

في زمن غياب الدولة، لنرفع الصلوات جميعاً، مسلمين ومسيحيين، حتى يستجيب ربُّ العالمين لمحنتنا، ومحنة كل العالم أجمعين... وبعد كل شدّة يأتي الفرج.