Advertise here

كمال جنبلاط قبَسٌ من نورٍ لا يغيب

14 آذار 2020 22:21:00 - آخر تحديث: 14 آذار 2020 22:41:39

قَبَسٌ من نور أضاء معالم الطريق، فمشينا نتخطى غياهب الظلام، نخلع عنّا سكون الأنظمة المتجمدة لنتجدّد في حرارة الحركة الفاعلة المتناغمة مع إيقاع الطبيعة الحية، فترقص فينا الحياة بنبضها الثائر، وتتشوّق العقول لتنهل من بحره الزلال أفكارَ التقدمية المتطورة بتطوّر الكون، فيرقى الإنسان فينا ليتكامل مع الإنسانية جمعاء في كيان الوجود، وليتحرّر من قيود العبودية والاستغلال.

أنشدَ أنشودة السلام بترانيم المحبة اللّاهوتية، فكان أبَ المساكين والفقراء، وضمير العمال والفلاحين. وقفَ بوجه قياصرة ذلك الزمن يطالب بتحقيق العدالة الاجتماعية، ومجتمع الكفاية والعدل، ووطنٍ لجميع مواطنيه تضمحلّ فيه امتيازات الطوائف، وتُلغى الفوارق الطبقية لتسود الدولة المدنية العلمانية.

تآمروا عليه، وجنّدوا أحلافهم لإسقاطه، فخابوا وفشلوا وهو انتصر. حملَ راية فلسطين يوم كانت ما يُسمّى بأنظمة الصمود والتصدي متخاذلين مساومين، يعقدون الصفقات على دماء الشعب الفلسطيني، ويرقصون فَرَحاً على عار عروبتهم المسبيّة.

شكّل الحركة الوطنية، وكان قائدها وأرادها حركةً وطنيةً لبنانيةً تغييرية إصلاحية حوارية. وطرح البرنامج المرحلي من أجل إصلاح النظام الطائفي الفئوي، والتأكيد على وجه لبنان العربي والملتزم بالقضايا العربية، وبالقضية الفلسطينية، وتجنيب لبنان الحرب الأهلية والتقسيم. فكانت مؤامراتهم قد تخطت حدود التخطيط للتنفيذ لتشتعل الحرب، وليقع التقسيم. وعندما تخطّى حدود تقسيمهم استباحوا الحدود، ودخلوا مشهرين خناجر عروبتهم المسمومة ليطعنوا الحركة الوطنية، ويصفّوا القضية الفلسطينية، ومن ثمّ يغتالونه جسدياً، وليُغرقوا الوطن بالحرب الطائفية.

اغتالوا كمال جنبلاط الذي ملأ الدنيا وشغل الناس، والذي أراد لبنان دولةً مدنيةً علمانيةً ديمقراطيةً لجميع مواطنيه على اختلاف أطيافهم، ونظرَ إلى التعدّدية كقيمةٍ مضافةٍ على الواقع اللبناني، وكدافعٍ لقيام العقد الاجتماعي الذي من شأنه أن يصهرها ضمن صيغة المواطنية بهوية الولاء الواحد للوطن.

اغتالوا المعلّم القائد كمال جنبلاط، فأزهرت دماؤه ورداً، وأيقظت نسائمُ عطرها الطاقات المتجددة عبر الأجيال الصاعدة، فحملت أفكارُه الإنسانية الراقية والثائرة على الأموات المتحكّمين بقدرِ هذا الشعب، وأيقظت قائداً ارتدى عباءته ليقودنا في معالم الطريق التي بدأها المعلم الشهيد، ويكملها الرئيس وليد جنبلاط، لتعبر قوافل الأحرار إلى شرقٍ جديد، وليبقَ الحلم قائماً لتحقيق وطن كمال جنبلاط.

حضرة المعلّم ما غبتَ عنّا ولن تغيب. باقٍ أنتَ بنور الهيولى الشفّافة تنير لنا معالم الطريق التي ما زالت طويلة، وما زال الصراع متعمّقاً بين عاشقِي الحياة والأموات من الأنظمة الظلامية؛ بين دعاة السلام المتسلّحين بالمحبة وبين دعاة الحروب المدجّجين بالضغائن والأحقاد؛ بين دعاة لبنان الكيان وبين دعاة التقسيم ولبنان المحافظة؛ بين العدالة الاجتماعية وسلطة التيار والعائلة؛ بين لبنان حرٍ مستقل القرار والتابع لمتبوع؛ بين الإصلاح الحقيقي والفساد؛ بين لبنان الدولة ولبنان المزرعة. 

ونقسم أنّك باقٍ فينا وستنتصر.