Advertise here

"كورونا" يضرب الاقتصاد العالمي... ويكلّف نحو تريليون دولار

14 آذار 2020 21:59:05 - آخر تحديث: 14 آذار 2020 21:59:06

أعلنت منظمة الصحة العالمية أن فيروس "كوفيد- 19"، والمسمّى "فيروس كورونا المستجد"، هو "وباءٌ عالمي يمكن السيطرة عليه" إذا عزّزت الدول إجراءات التصدي له، وذلك على الرغم من حجم الخسائر الاقتصادية والبشرية الفادحة التي سبّبها. وقال رئيس منظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، للدبلوماسيين في جنيف: "نحن قلقون للغاية من أن بعض البلدان لا تتعامل مع هذا التهديد بمستوى الالتزام السياسي المطلوب للسيطرة عليه"، حيث سجّلت المنظمة لغاية يوم الخميس 12 آذار، أكثر من 125 ألف إصابة في أكثر من مائة بلد ومنطقة، و4,600 وفاة جرّاء الوباء في جميع أنحاء العالم.
 
"فيروس كورونا" الذي سُجّلت أول إصابة منه في 17 كانون الأول 2019، في مدينة وهان الصينية، ليس الأول في تاريخ البشرية التي شهدت عبر العصور أوبئة عديدة قاتلة، كالطاعون، والكوليرا، والحمى الصفراء، والتي كانت تصيب البشرية كل مئة عام تقريباً. إلاّ أن تطوّر الحياة المدنية، وسرعة التواصل والاختلاط بين المجتمعات، ضاعفا من انتشار الأوبئة والأمراض، ومن انتقالها من مكانٍ إلى آخر. وسجّلت المئة سنة الأخيرة انتشاراً مضاعفاً لهذه الأوبئة، وأصيبَ العالم بما يزيد عن 6 أوبئة حصدت مئات آلاف الضحايا، ومنها على سبيل المثال، طاعون منشوريا عام 1910، والذي قضى على نحو 60 ألف شخص، والإنفلونزا الإسبانية عام 1918، والتي قضت على 50 مليون شخص، وكذلك الإنفلونزا الآسيوية في عام 1957، والتي أودت بحياة العديد من الضحايا، والآيدز في عام 1976، والذي أصاب ما يزيد عن 36 مليون شخص، وإنفلونزا الخنازير في عام 2009، والتي أودت بحياة 18 ألف شخص، وإيبولا في عامَي 2013 و2018، والذي قضى على 8,200 شخص، إضافةً إلى سارس، وإنفلونزا الطيور، واليوم لدينا فيروس كورونا.

ومما لا شكّ فيه أن هذه الأوبئة كان لها تداعيات كبيرة على السياسات الاجتماعية والاقتصادية للعديد من دول العالم، ولا سيّما "طاعون منشوريا والإنفلونزا الإسبانية"، واللذَين تزامنا مع الحرب العالمية الأولى. كما أنهك وباء المناعة المكتسبة، "الآيدز"، خزينة العديد من الدول، حيث وصلت قيمة الخسائر الاقتصادية في دول آسيا والمحيط الهادي نهاية عام 2001 إلى 7.3 مليار دولار؛ وفي عام 2014، أعلن البنك الدولي في تقريرٍ له أن خسائر دول غرب أفريقيا بلغت 32,6 مليار دولار نتيجة انتشار وباء إيبولا. ومع إعلان فيروس كورونا وباءً عالمياً بعد انتشاره في أكثر من مئة دولة، لا سيّما الدول الصناعية، والدول المنتجة للنفط، وبعد إعلان منظمة الصحة العالمية، أن أوروبا باتت بؤرة وباء كورونا العالمي، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، حالة الطوارئ الوطنية لمواجهة وباء "كوفيد – 19". كما أعلنت الرئاسة الفرنسية عن تنظيم قمة استثنائية عبر الفيديو لقادة دول مجموعة السبع لمناقشة تنسيق جهودهم في مكافحة فيروس كورونا في قطاعات الصحة، والاقتصاد، والمال، والبحث العلمي. واتّخذت العديد من الدول إجراءات عزل وجمّدت أنشطتها، كإغلاق المدارس والحدود والأماكن العامة، وفرض قيود على التنقّل، وإلغاء مناسبات رياضية أو ثقافية، وتأجيل انتخابات، وذلك لمواجهة انتشار الوباء، وهو ما يعني أننا دخلنا أزمة اقتصادية عالمية سيكون لها تداعيات خطيرة على الدخل القومي والفردي، وعلى النمو الاقتصادي، هذا فيما لو نجحت الجهود الدولية في محاصرة انتشار الوباء بحدود شهر حزيران 2020، كما توقعت الصين.

في هذا السياق حذّرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (الأونكتاد)، من التداعيات الكبيرة لتفشّي "فيروس كورونا" على النمو الاقتصادي العالمي هذا العام، وخفّضت توقّعاتها لإجمالي الناتج الداخلي العالمي بنصف نقطة مئوية إلى 2,4 بالمئة، وهو أدنى مستوى منذ أزمة 2008- 2009 المالية. وأفادت المنظمة في أول دراسة شاملة لتداعيات الفيروس على كبرى اقتصادات العالم أنّها تتوقع بأن يصل النمو السنوي في إجمالي الناتج الداخلي في الصين، بؤرة تفشي المرض، إلى 4,9 بالمئة في انخفاض بـ0,8 نقطة عن توقّعات النمو الأساسية التي أعلنتها المنظمة سابقاً. وأفادت المنظمة التي تضم 36 بلداً أن، "تداعيات انكماش الإنتاج الصيني وصلت إلى أنحاء العالم". وأشارت إلى أن تباطؤ الاقتصاد العالمي وصل إلى أقل من 2% هذا العام وقد يكلّف نحو تريليون دولار، وذلك خلافاً لما كان متوقعاً في أيلول الماضي، أي أن العالم يقف على عتبة ركود في الاقتصاد العالمي.

ولم تستبعد المنظمة، في دراسة تحليلية أعدّتها لهذه الغاية، من إفلاس واسع النطاق، وربما سيتسبّب "بلحظة مينسكي"، وهي انهيار مفاجئ لقيَم الأصول التي تمثّل نهاية مرحلة النمو في هذه الدورة. كما أن "انهيار سعر النفط أصبح العامل المساهم للشعور بالذعر وعدم الراحة. ولهذا السبب من الصعب التنبؤ بحركة الأسواق. هذه الحركة تشير إلى عالمٍ شديد القلق، وهذه الدرجة من القلق تتجاوز المخاوف الصحيّة، وهي خطيرة ومثيرة للقلق، ولكن التداعيات الاقتصادية تتسبّب بقلقٍ كبير".

وأشارت الدراسة إلى أن، "أكثر الدول تضرراً هي الدول المصدّرة للنفط، وغيرها من الدول المصدّرة للسلع. وهذه الدول ستخسر أكثر من 1% من نموّها، إضافةً إلى تلك التي تربطها علاقات اقتصادية قوية مع الدول التي ستتأثر قبل غيرها بالصدمة الاقتصادية. ورأت المنظمة أنه، "لا يمكن للبنوك المركزية أن تحلّ الأزمة وحدها، وهناك حاجة إلى سلسلة من الاستجابات السياسية، والإصلاحات المؤسّساتية، لمنع الفزع الصحي المحلّي في سوق المواد الغذائية في وسط الصين من التحوّل إلى انهيارٍ اقتصادي عالمي.

من جهةٍ أخرى أظهرت بيانات للقطاع الخاص تراجع مبيعات السيارات اليابانية 10.3 بالمئة في شباط 2020، مقارنةً بنفس الفترة من العام الماضي، وذلك وسط تصاعدٍ للمخاوف حيال توقّف الإنتاج، وصعوبة توريد المكوّنات من الصين. وتعطي الأرقام أحدث مؤشرٍ على اتّساع نطاق تأثير الفيروس الجديد على ثالث أكبر اقتصاد في العالم. وأظهرت البيانات الرقمية، أن المبيعات اليابانية بلغت 430,185 سيارة الشهر الماضي، مقارنةً مع 479,427 سيارة قبل عام.