Advertise here

خطاب القسم وحكومة استعادة الثقة

07 تشرين الثاني 2018 08:50:00 - آخر تحديث: 10 تشرين الثاني 2018 12:57:30

منذ ولادة ميثاق 1943، ولبنان يعاني التوتر وعدم الاستقرار، ويكتنفانه من كل حدب وصوب، طوال عقود وعقود، داخلياً وخارجياً، ما جعل المواطن اللبناني في قلق واضطراب دائمين. فداخلياً تعاقبت حكومات كان من الواجب انقاذ لبنان من عذاباته، وأزماته، وعثراته، الا أن شيئاً من هذا القبيل لم يحصل، بل صبَّت الزيت على النار، وزادت الطِّين بِلَّة، يوم أغرقت اللبنانيين في وحول الطائفية المقيتة، التي كانت ولا زالت علّة لبنان، ومشكلة مشاكله، وعودته القهقري.

فصحيح ان الطائفية في لبنان، هي من فعل وصُنع المستعمر، والتي لم تغرب مساوئها حتى اللحظة، لتبزغ من بعد شمس الحرية، والعدالة، وإقامة دولة المساواة، والكفاية الاجتماعية، إلا ان الاغلبية الساحقة من اللبنانيين تتحمل المسؤولية الكبرى في تسليمه مقاليد الامور، والانحناء أمامه، ما أوصلنا الى هذا الوَهَن، والى هذا الانحدار على كل الاصعدة والمستويات.

والمؤسف حقاً، انه لم يكفنا ما فعله المستعمر، ما ترك وراءه من سؤء اعمال وافعال، ومن تشرذم، وتقطع لأوصال اللبنانيين، حتى جاءت الحكومة تلو الأخرى لتُرسي بثقلها على صدور اللبنانيين، اكثر فأكثر من المستعمر، ضاربة بعرض الحائط همومهم شجونهم.

وهكذا دواليك، ما ان تأتي حكومة سرعان ما تسير على منوال ونهج الحكومات السابقة، لتضرب في العمق الحياة السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية.. ناهيك عن سيل من حروب متواصلة شهدها لبنان كادت تودي بكل مقوماته ومكوناته.

والمؤسف اكثر فأكثر، ان معظم الحكومات التي توالت على لبنان لم تكن لتلد لولا ايحاءات خارجية، ربطاً باجندات إقليمية تارة، ودولية اخرى، (وأي أجندات!)، إنها سلب للقرار السِّياسي، وسيطرة وصايات، واملاءات، ما يدل أن لبنان كان وما يزال في دائرة لعبة الأمم حتى اللحظة.

أما بالنسبة لخطاب القسم في الجمهورية الاخيرة، فلو طبّقت الحكومة التي تشكلت ترافقاً مع الرئاسة الجديدة، لتعافى، ولتنفس اللبنانيون الصعداء، ولكان لبنان في مأمن من شر اعداء كُثر، لا سيما وأنه كان من أولى اولويات القسم الاستقرار السياسي، (وأي استقرار!) في وقت التسابق على النفوذ على أشدّه، والتجاذبات السياسية قائمة على قدم وساق، لا سيما لجهة اللهث وراء الحصص الوزارية، ما أوقع معظم ساسة لبنان في حالة من الضياع، والتخبط دون دراية مما قد يتأتى من اخطار في ظل وضع إقليمي متفجّر، دول فاتحة اشداقها لالتقام بلد غدا كية في قلوبهم، وحسرة في نفوسهم.

فلا استقرار سياسياً بعداً عن المصلحة الوطنية، والشراكة الحقيقية، وذلك باحترام الدستور، تنفيذاً “لوثيقة الوفاق الوطني”. ما عدا ذلك سيبقى الوَهَن يلف لبنان، وستبقى الطائفية سيّدة الموقف الى ما لا نهاية.

زد على ذلك، تغنّى خطاب القسم بفرادة لبنان (وأي فرادة!) والمناصفة حبر على ورق، خصوصاً لجهة عدم التمثيل، وطغيان فئة على فئة!

أما العجيب، فهو تسمية الحكومة الأخيرة نفسها “بحكومة استعادة الثقة” حكومة كنا نأمل ان تكون حكومة واعدة للبنانيين جميعاً. عناوين وشعارات كبيرة، حملتها حكومة استعادة الثقة لو طبق الحد الادنى منها، لحققنا الامن الاجتماعي، ولا تبعدنا عن هذا الصراع الداخلي، خاصة السياسي منه، ولكن للاسف ما طبق لا يتجاوز حدود بعض الاصلاحات الطفيفة، والتي جاءت يتيمة، كالإتيان مثلاً، بقانون انتخابي جاهلي معتوه لا يليق بمطلع هذا القرن! أضف الى ذلك، هذه الموازنة التي لم تلب رغبات وطموحات اللبنانيين، وتحقيق الحد الادنى من النهوض الاقتصادي. أما بقية المواضيع، كموضوع النفايات والتلوث والفساد المستشري، واستقلالية القضاء.. كلها مواضيع ما زالت في دائرة الصراعات والتجاذبات السياسية لا غير.

فحذار حذار مما هو آت.