Advertise here

التشكيلات القضائية على خطى الكهرباء... عرقلة وانتقام واستئثار

10 آذار 2020 09:49:50

وفق ما يتوفر من معطيات معطوفة على الأداء الذي تقوم به هذه الحكومة ومن هم خلفها، فهي لا تبدو أنها على قدر كاف من الوعي لحجم المشكلة التي تمر بها البلاد.

العقلية الإستئثارية، والجشع بمفعول رجعي، يصلان إلى حدود الإنتقام من التاريخ والحقبات السابقة، وتنفتح معهما شهية القوى الحاكمة على مراكمة المزيد من المكتسبات المصلحية على حساب المصلحة العامة. ويتم تبرير مراكمة هذه المكتسبات وتحصيلها بشنّ الهجومات على الحكومات السابقة والتركيز على السنوات الفائتة. وكأن من يتبوأ مراكز السلطة اليوم لم يكن فيها منذ 15 سنة، وليس هو الذي عمل على تشكيل هذه الحكومة.


انعدام البصر والبصيرة لدى هؤلاء يريدونه معمماً على كل الناس في لبنان، ظناً منهم أن بإمكانهم إخفاء نور الشمس بأكاذيبهم ومناوراتهم، وهم اللاهثون دوماً حول تحصيل المزيد وكسب ما تطاله أيديهم، بإشاحة الأنظار عن الحقائق بألسنتهم السليطة. جلّ ما يفعلونه هو انتقاد أسلافهم وهم في الأساس خصومهم في السياسة، بينما لم يقدموا أي خطة أو برنامج عمل واضح للخروج من الأزمة التي يدعون أن لا علاقة لهم بها.
 

لا يتركون مناسبة إلا ويؤكدون خلالها أنهم يتحملون وزر ميراث ليسوا مسؤولين عنه، تلازمهم هذه العبارة منذ سنوات، فلم يقدموا شيئاً بديلاً حتى سئم اللبنانيون من معزوفتهم البالية والمرفقة بمنطق أنه لم يسمح لهم بالعمل، بينما مراجعة بسيطة لتاريخ السنوات القليلة الماضية، يظهر أن أكثر الموبقات اقترفت أيام تسلمهم السلطة بمفردهم، وأيام اجتياحهم للمواقع الوزارية، فأزمات التوظيف في قطاع الإتصالات والصفقات المشبوهة لم تحصل إلا في عهدهم بين عامي 2011 و2013. وكذلك بالنسبة إلى ملف الكهرباء الذي تحول إلى مغارة لا يتمكن أحد من ولوجها إلا ويصعق من حجم الفساد فيها، عندها كان هؤلاء لديهم عشر وزراء في الحكومة، فلا يجرؤون على مساءلة أنفسهم، ولديهم ما يكفي من الوقاحة لاتهام غيرهم بما اقترفوه.
 

اليوم لا تزال هذه الذهنية وحدها تتحكم بمسارهم وتفكيرهم، كمثل طرح مشروع تلزيم إنشاء معمل في سلعاتا مقابل إقرار خطة الكهرباء، وبما أن هناك من يرفضها، يطالبون بإلغاء معمل الزهراني. هؤلاء لا يتصرفون بغير منطق الفئوية والتقسيم، على قاعدة ما لهم لهم وما لغيرهم لهم وله. والأخطر أنهم يستخدمون حكومة يطلقون عليها سمة التكنوقراط فيما هم يتحكمون بكل مفاصلها وآلية عملها وقراراتها وطروحاتها التي تسعى إلى الإنقلاب على الثوابت اللبنانية، فيما هم يقفون في الخلف متفرجين، بدون السماح لهذه الحكومة بالإهتمام بما وجب عليها الإهتمام به وتشكلت من أجله.
 

وكما يعرقلون ملف الكهرباء، ها هم يعملون على تأخير صدور التشكيلات القضائية والتي أقرت بدون أي تدخل سياسي، فيما هم يرفضون ذلك ويريدون لهذه التشكيلات أن تكون وفق شروطهم ومتطلباتهم، والمنطق نفسه سيتحكم في مختلف الملفات في المرحلة المقبلة.

يظنّ هؤلاء أنفسهم أنهم حققوا انتصاراً في إبعاد خصومهم عن السلطة، وهم يختبئون خلف حكومة إختصاصيين مائعة وضائعة في ملفاتها وغارقة في فسادهم ومكبلة بحساباتهم، لعلها تمهد لهم طريق العودة إلى واجهة السلطة فيما بعد، ولكن يغيب عن بال هؤلاء أن التاريخ لا يرحم، وجلّ ما يفعلونه هو التأسيس مجدداً إلى انفجار إجتماعي وشعبي وسياسي أكبر سينفجر بوجههم في الأيام المقبلة منهياً أسطورة ترهاتهم ومعرياً مضامين حقدهم.