في الوقت الذي أصبح فيه العالم كله يتكلّم بأزمة وباء الكورونا بعد أن غطّى هذا الفيروس 100 دولة، حالاتُ بعضها خطيرة جداً كإيران وإيطاليا وكوريا الجنوبية وألمانيا وفرنسا وإسبانيا، وبعد أن دقّت منظمة الصحة العالمية ناقوس الخطر محذرة من مخاطر تحوّل المرض إلى وباء فتّاك قياسًا إلى عدد الوفيات التي تشهدها هذه الدول، تستمر وزارة الصحة اللبنانية بتجاهل هذا الخطر المتعاظم، بعدما ارتفع عدد الحالات في لبنان الى 41 بحسب التقرير الصادر مساء الاثنين عن مستشفى رفيق الحريري الجامعي، فيما وزير الصحة حمد حسن لا يزال يطمئن بأن الوضع ما زال تحت السيطرة.
هذه النسبة المرتفعة من الاصابات تؤشر الى دخول لبنان مرحلة خطيرة بعد ظهور عوارض كورونا لدى القادمين من البلدان التي يتطور فيها هذا المرض بسرعة، وهو ما دفع بنقابة اصحاب المستشفيات الخاصة في لبنان الى تخصيص 4 مستشفيات جامعية لإجراء فحوصات كورونا على أن يتم بعدها إرسال الفحوص الى مستشفى رفيق الحريري الجامعي. كما أعلنت وزارة الصحة عن تحديد مستشفيين حكوميين لهذه الغاية، واحد في الجنوب وآخر في البقاع لاستقبال المرضى.
وفي هذا السياق، برّر نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون في اتصال مع "الأنباء" عدم استقبال المرضى في المستشفيات الخاصة، قائلا: "من الخطأ نشر المرض في كل مستشفيات لبنان"، مؤكدا على الحكومة "ضرورة استخدام المستشفيات الحكومية لهذه الغاية وحسناً فعلت بتحديد مستشفيين حكوميين".
وقال هارون: "من الضروري تخصيص مستشفى ثالث في الشمال، ففي الصين مثلاً ورغم وجود مستشفيات كثيرة فيها، قامت ببناء مستشفيات خاصة للقضاء على هذا الفيروس، ولذلك من الضروري ان تخصص الحكومة اللبنانية أكثر من مستشفى توخياً لانتشار المرض بشكل أوسع".
وفي خطوة لافتة تلتقي مع تحذيرات رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، أعلنت الامانة العامة لمجلس النواب بطلب من الرئيس نبيه بري تعليق اجتماعات لقاء الاربعاء النيابي في عين التينة وإقفال المجلس النيابي في ساحة النجمة ومكاتب النواب كتدبير احترازي وحتى إشعار آخر آخر. وفي ما أعلن نائب رئيس المجلس ايلي الفرزلي عدم وجود اصابات بين النواب بفيروس كورونا وأن خطوة الأمانة العامة لمجلس النواب تندرج ضمن التدابير الوقائية، علمت "الأنباء" أن العديد من الكتل النيابية أرجأت اجتماعاتها الدورية حتى إشعار آخر تداركاً لانتقال العدوى إليهم.
والى الهم الصحي الدقيق، يبقى الهم الاقتصادي ضاغطا على اللبنانيين. وكان جنبلاط سأل في تغريدة عبر "تويتر": "ماذا تفعل هذه الحكومة التي لم يذكر رئيسها كلمة واحدة عن الاصلاح وقطاع الكهرباء وحماية الصناعة وضبط الحدود الشرعية وغير الشرعية وتجاهل الكورونا والتشكيلات القضائية وغيرها، كلام غامض حول الدين، الحقيقة هي تعميم الافلاس والانتقام من طبقة سياسية من خلال الحقد والظلام الشمولي".
بالتوازي، كان لافتا كلام وزير الاقتصاد راوول نعمة بعد قرار تعليق دفع سندات "اليوروبوند" بقوله إن الحكومة ما زالت تنتظر قرار حاملي السندات الأجنبية اذا كانت ستتعاون مع الحكومة لإعادة هيكلة الدين او التعاطي القانوني من خلال الذهاب الى المحاكم لتحصيل ديونها، وذكر أن هذه المسألة ستكون موضع نقاش اليوم في جلسة مجلس الوزراء في بعبدا، التي من المتوقع ان تجري جردة حساب على كل ردود الفعل بعد الموقف الأخير.
وفيما وصف الرئيس بري قرار الحكومة بالجيد، أشارت مصادر عين التينة عبر "الأنباء" الى انه لو تم اتخاذ اجراءات وقائية من قبل الحكومة أقله في موضوع إصلاح الكهرباء لما وصلت الامور الى ما وصلنا اليه، فالمهم ان يترجم قرار الحكومة بمهلة قريبة جداً قد تصل إلى شهر أو أكثر إلى مؤشرات ايجابية وإلا نكون أمام أزمة جديدة.
وفي سياق المواقف السياسية على الاداء الحكومي، توقعت مصادر معارضة دخول لبنان في عزلة وعدم مد يد العون له لا من أشقائه العرب ولا من المجموعة الدولية. ورأت المصادر ان لا احد يفكر بلبنان في هذا الوقت في ظل تفشي وباء كورونا، قائلة "لو لم يكن هناك وباء قاتل بهذا الحجم فإن قرار الحكومة يوازي بخطورته على لبنان وباء الكورونا". وأضافت: "ما هو غير معروف حتى الآن يندرج في ردة فعل الدائنين وهل سيقبلون بالتفاوض؟"، سائلة عن "طبيعة الاجراءات الموجعة التي لوّحت بها حكومة حسان دياب وعما اذا ستفرض فعلا ضريبة 5000 ليرة على البنزين ورفع الضريبة على القيمة المضافة وزيادة تعرفة الكهرباء الى نسب لا يتوقعها المواطن العادي مع الابقاء على سعر صرف الدولار متفلتا من اية قيود في حال لم يؤد اجتماع حاكم مصرف لبنان مع الصرافين الى اية نتيجة".