Advertise here

اجتماعات مكثفة على خط المصارف... والبحث جارٍ عن تسوي

09 آذار 2020 10:15:54

لم يكن القرار الذي اتخذته الحكومة اللبنانية بتعليق دفع سندات الدين "اليوروبوند" بالمسألة العادية بالنسبة إلى دولة كلبنان ليس فيها أي مقومات النظام الإقتصادي المنتج، والتي يقوم اقتصادها على ريوع المصارف. بمجرد اتخاذ هكذا قرار بدون التفاوض مع الجهات الدائنة يعني ذلك الدخول في مأزق لن يكون من السهل الخروج منه، طالما أن القطاعات الإنتاجية لا يمكن الرهان عليها للتعويض عن الخسائر بسبب التخلف عن الدفع. 

في شكل الموقف والإخراج الذي أعطي لعدم الدفع، أريد إضفاء جو من التصعيد بوجه المصارف ومحاسبة هذا القطاع أو التمهيد إلى ضربه.

العملية لا تتعلق بالشق الإقتصادي البحت أو الإستراتيجي بما يتعلق ببنية الدولة وتركيبة نظامها المالي والإقتصادي، إنما نتاج لسياسة الكيدية التي تطبع كل شيء في لبنان، إذ تريد بعض القوى السياسية الإستثمار بالأزمة القائمة والمستفحلة لتصفية الحسابات مع المصارف وإجراء تعديلات إدارية ومالية تلائمها، بينما المشكلة في مكان آخر كلياً، ولا تفسح المجال أمام حروب الإنتقام.
 

الملفت في القرار الذي اتخذته الحكومة وأعلنه رئيسها، هو استخدام مصطلح تعليق الدفع، أي أنها لن تتخلف عن الدفع إنما ستدخل في مفاوضات مع الدائنين للوصول إلى اتفاق على إعادة هيكلة الدين، وهذا يعني حتماً الدخول في مفاوضات مع المصارف، الأمر الذي يتناقض مع إظهار العداء للمصارف ومحاربتها، إنما ما يجري من ضغط في سبيل الدخول في مفاوضات معها، وهذه المفاوضات تعني ايجاد تسوية مالية معينة، إما عبر اكتتاب بسندات خزينة جديدة، وإما بشراء الدين الخارجي وتأجيل فترة تحصيله.
 
وهنا يكمن افتضاح كل الحملات العشوائية والشعبوية التي شُنت على المصارف، بحجة أن الحكومة تعمل على تحويل لبنان من اقتصاد ريعي إلى إقتصاد منتج، مع العلم أن هكذا تحول يحتاج إلى عشر سنوات بالحد الأدنى في ظروف طبيعية وليس في ظروف كما هو الحال في لبنان. ما يعني أن "الدورة" ستعود إلى ما بين الدولة والمصارف، ما سيدفع ثمنه الشعب اللبناني، الذي سيكتشف أن كل ما سمعه من ضغوط وأحكام وقرارات بحق المصارف ستتبدد لحظة الوصول إلى تفاهم على نقطة مشتركة، وهي أن المصارف تريد أرباحها والدولة تريد تأجيل دفع ديونها.

وبحسب ما تكشف المعلومات فإن يومي الإثنين والثلاثاء سيشهدان لقاءات مكثفة بين الحكومة ورئاسة الجمهورية مع جمعية المصارف، للوصول إلى حلّ وسط، والإتفاق قد يكون إما بشراء المصارف لسندات خزينة جديدة بفائدة أقل، أو بشراء جزء من الدين الخارجي وانتظار جدولة الدولة لدفع المستحقات المتوجبة عليها او دفع الفوائد لإعطاء رسالة إيجابية إلى الخارج بأن لبنان غير مفلس، ولكنه يحتاج إلى إعادة جدولة.

لكن أي خطوة من هذه الخطوات يجب أن تترافق مع خطة إصلاحية جدية تقوم بها الحكومة تتضمن إتخاذ قرارات حاسمة في العديد من الملفات التي تشكل اهتماماً إستثنائياً لدى المجتمع الدولي، وبحال لم تقدم الحكومة طروحاتها بهذا الشأن، فإن ذلك سيستدعي المزيد من المواقف الدولية التصعيدية والتي ستظهر في الأيام المقبلة كتعبير عن رفض المسار الذي يسلكه لبنان.