Advertise here

يوم المرأة العالمي... محطة سنوية لتجديد النضال النسوي

06 آذار 2020 14:12:39

في الثامن من آذار من العام 1857 شهدت ولاية شيكاغة في الولايات المتحدة الأميركية حراكاً عمّالياً نسوياً كان الاول من نوعه، عندما انتفضت عاملات في قطاع النسيج مطالبات بحقوقهنّ المهدورة، حيث كنّ يعملْن 18 ساعة في اليوم، بأجور زهيدة وبلا ضمانات! 

كسرت نساء شيكاغو الصمت، وخرجن منتفضات في مسيرة مطلبية، فتعرّضْن للضرب والقمع وسقطت كثيرات بينهنّ نتيجة التدخل الوحشي لرجال الشرطة!
بعد 51 عاماً، في العام 1908، عادت 15,000 امرأة من العاملات في النسيج للتظاهر في مسيرة احتجاجية بشوارع مدينة نيويورك الأميركية، مطالبات بتقليل ساعات العمل وتحسين الأجور، وقف عمالة الأطفال، والحصول على حق الإقتراع في الانتخابات. وقد شكّلت تظاهرة نيويورك شرارة حركة نسوية مستدامة. ففي العام التالي، أعلن الحزب الاشتراكي الأمريكي الثامن من آذار من كل عام، كأول يوم وطني للمرأة.

هذه الحادثة المرتبطة بذاك التاريخ في شيكاغو؛ طُرحت في المؤتمر النسائي العالمي في كوبنهاغن العام 1910، لتكون محطة تاريخية للمرأة، حيث اقترحت امرأة تدعى كلارا زيتكن جعل هذا اليوم ليس مجرد يوم وطني بل عالمي. وكان في ذاك المؤتمر 100 امرأة من 17 دولة وافقن كلّهن على الاقتراح بالإجماع.

لكن فكرة "تدويل" يوم المرأة بقيت في المراوحة حتى  العام 1945، حين نادى المؤتمر الأول للاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي، الذي عقد في العاصمة الفرنسية باريس –  بتكريسها يوماً عالمياً للمرأة تستنير بهديه لتكمل المسيرة.

وقد شقّ هذا اليوم العالمي طريقه بصعوبة قبل ان يتم تشريعه رسمياً. فالبريطانيات كن يحتفلن به في الزوارق بعيداً عن الشواطئ .. وفي بتروغراد عام 1911، سارت تظاهرة عارمة للمناسبة… وفي أكثر من بلد في العالم كان يتم إحياؤه خفية في المنازل أو الحدائق الخاصة.. إلى أن فرض نفسه كمحطة نضالية عالمية تتوقف عندها النساء لتقيِّم، فتطرح السؤال: "أين أصبحنا على طريق حقوقنا والمساواة؟ 

وظل الأمر كذلك حتى أقرته الأمم المتحدة بصورة رسمية عام 1975 وبدأت الاحتفال فيه واختيار موضوع مختلف له لكل عام. وكان أول موضوع (عام 1976) يدور حول "الاحتفاء بالماضي، والتخطيط للمستقبل".

وتركز احتفالية هذا العام على موضوع المساواة وشعاره EachForEqual، المستمد من فكرة عمل الأفراد من أجل صالح الجماعة.

إن يوم المرأة العالمي ليس إذاً عيداً للإحتفال بإنجازات النساء كما درجت العادة في بعض الدول العربية ومنها لبنان، بل هو مناسبة سنوية لمراجعة الأجندة الحقوقية النسوية، ما تحقّق منها وما يجب أن يتم التركيز عليه في مسار النضال النسوي المستقبل. 

وتتناول هذه المناسبة حقوق النساء في كل المجالات من الأسرة إلى المجتمع والسياسة والإقتصاد وغيرها. في حين أن جذوره السياسية تقوم على فكرة الإضرابات والاحتجاجات المنظمة لنشر الوعي حول استمرارية عدم المساواة بين الرجال والنساء.

ومن المتوقّع أن يكتسب يوم المرأة العالمي في لبنان هذا العام طابعاً استثنائياً، في ظل التحوّل الكبير الذي شهدته الحركة النسوية منذ ثورة 17 تشرين، والتي عبّرت عن وعي اللبنانيات لحقوقهنّ المهدورة، ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: 

- القانون المدني للأحوال الشخصية الذي يضمن المساواة بين النساء في قضايا الأسرة والزواج والطلاق والميراث وغيرها.
- حقّ المرأة اللبنانية بالتساوي مع الرجل في قضيّة منح الجنسية لأفراد أسرتها.
- إلغاء كافة أشكال التمييز بحق النساء في قوانين العمل والعقوبات.
- مكافحة كل مظاهر العنف ضد النساء وتشديد العقوبات.
- تجريم التحرش الجنسي بكل اشكاله وتشديد العقوبات بحق مرتكبيه.
- تعديل القوانين، وفي مقدمها قانون الإنتخاب بما يضمن مشاركة النساء في مواقع السلطة والقرار.