Advertise here

دياب يعبّر عن واقع الحال.. وسخونة ترافق التشكيلات القضائية

03 آذار 2020 10:50:00 - آخر تحديث: 03 آذار 2020 11:39:11

لو أن ما قاله رئيس الحكومة حسان دياب أمس عن أن الدولة غير قادرة على توفير الحماية لأبنائها، جاء على لسان مواطنٍ عادي، حتماً لكان استُدعي إلى التحقيق بجريمة توهين الشعور الوطني، وضخّ الأخبار الكاذبة، والشائعات المفبركة التي تستهدف "العهد القوي". إنها معادلة التكاذب والمكابرة التي تتحكم بمصير اللبنانيين. تماماً كما كان الحال قبل اندلاع ثورة 17 تشرين، وقبل انفضاح عمق الأزمة المالية والاقتصادية، وانهيار الليرة، حيث صدرت تعاميم عن السلطات العليّة بأن أي مواطن، أو صحافي، أو ناشط، يعمل على بثّ أخبارٍ تتعلق بسوء الوضع الاقتصادي، أو تدهور وضع الليرة، لوجب استدعاؤه أو محاكمته.

التعالي المستمر أوصل اللبنانيين إلى أزمة عدم قدرتهم على تحصيل رواتبهم من المصارف، وجعل للدولار ثلاثة أسعار: سعر في المصارف، وسعر حدّده الصرافون مع حاكم مصرف لبنان والمدعي العام المالي بتثبيته على 2000 ليرة، بينما سعره الفعلي يتخطى الـ 2400 ليرة. سعر الدولار وحده يشكّل النموذج الجلي والواضح لما هو عليه الوضع في لبنان، حتى انفجرت الحقيقة على لسان رئيس الحكومة، وهي حقيقة لا يعرفها اللبنانيون فقط كما المجتمع الدولي، إنما يعيشونه بشكلٍ محسوس يومياً.
 

لكن العهد القوي، لا يأبه لكل الاستحقاقات الداهمة، واهتماماته في أماكن أخرى تتجاوز حدود الهموم اليومية للناس في تأمين قوتها، وأمنها الاجتماعي، ويذهب إلى معادلات استراتيجية تارةً، أو الرهان على النفط الذي يحتاج إلى سنوات ليتمّ استخراجه، وهذا لن يحصل بدون توافقات سياسية ودولية كبيرة، لكنه يوهم اللبنانيين بأن الحلول مقبلة، مثلما تمّ إطلاق أكثر من موقف قبل اندلاع الثورة بأن الأزمة ستمر وإذ بها تستفحل.


لم تقدّم السلطة إلى الناس غير الكلام. ومَن أوحى بأنه يمكن عقد الآمال على هذه الحكومة، قد فشل، والآمال تبدّدت فيما الرهانات سقطت، بينما الصراع على الحصص مستمر، ويتوسّع ليشمل مختلف الملفات، من الكهرباء والنفط إلى التشكيلات القضائية التي على ما يبدو ستكون مقبلة على سخونة سياسية في ظل استمرار التناحر على تسجيل المكتسبات، واختزال الدولة من قبل تيار واحدٍ أحد.

والقوة التي كان "العهد" يوسم نفسه بها، جاء رئيس الحكومة ليقضي عليها ببضع كلمات، سواء خرجت سهواً أم عمداً، إلّا أنها تعبّر بجدية عن واقع الحال، وعن أن الأزمات المقبلة ستكون أكبر من التي مرّت، ما يطرح الكثير من التساؤلات في الكواليس السياسية حول ما يمكن فعله حقيقةً ضمن الحكومة مع ازدياد حسابات مكوّنيها المتضاربة، وعليه فإن المستقبل في لبنان قاتمٌ طالما أن العقلية ذاتها لا تزال تتحكّم بمسار وعقلية الحاكم؛ فما على اللبنانيين إلا الصبر إلى أن يزول الكرب، ويحلّ الفرج من طاقة سماوية عجائبية. ففي غياب المعالجات العملية والخطط الواضحة، يضطر الناس للجوء إلى الأوهام والأعاجيب.