Advertise here

فخر الدين إن حكى

02 آذار 2020 13:16:00 - آخر تحديث: 23 أيلول 2020 14:56:39

لا يزال الأمير فخر الدين مؤسس الكيان اللبناني موضع اهتمام المؤرخين والمتابعين الذين يتطرقون إلى شخصه وحقبته بشو?ـينية لبنانية أو بموضوعية تاريخية. وفي العام 1973 على أبواب نهاية الزمن الجميل في بلاد الأرز صدر كتاب العميد الركن عزيز الأحدب تحت عنوان : “فخر الدين إِن حكى”، ويعتبر مرجعا غلبت عليه العاطفة في المغالاة حول عهد الأمارة اللبنانية ، لكنه استذكار مفيد لأهمية الفكرة اللبنانية في الحرية والتعددية استناداً إلى إرثها الكبير.

وقبل أيام بينما يواجه لبنان مخاطر الإفلاس والانهيار المالي، شاهدنا أحد المعلقين يتطرق لعلاقات فخر الدين المعني الكبير مع دوق توسكانا، ويطالب الحكومة اللبنانية باسترجاع أمواله المودعة هناك منذ عدة قرون. وشر البلية ما يضحك لأن هذا الهروب إلى الأمام لا يخص بعض المتحمسين أو المضللين فحسب، بل الحكومة اللبنانية الجديدة التي أخذت تستهلك فرصة المائة يوم من دون عمل الكثير وهي تتعامل مع مواعيد استحقاق الدين الخارجي وخطة الإصلاحات الملحة والتفاوض مع صندوق النقد الدولي بخفة وتباطؤ وقلة مهنية. وكأن كل ما جرى في لبنان منذ 17 أكتوبر يمكن شطبه، وكأن العالم سيهب لنجدة لبنان وارسال المساعدات لإنقاذه من دون أن يساعد اللبنانيين بأنفسهم ويبدأوا بالعمل الجاد ويتخلوا عن منطق المحاصصة في الفساد وانعدام الشفافية في قول الحقيقة للناس.    

 يفتتح عزيز الأحدب  كتابَه المشار إليه أعلاه  بنداء افتراضي من فخر الدين يقرع فيه  اللبنانيين بقوله:  “شَحَّ ولاؤُكُم لأَرضكم وكثُر انتماؤُكُم إِلى الخارج، وارتفعَت نسبةُ الأَغراب بينكم، وتعدَّدَت الفئات التي لا تدين للبنان، وأَصبح وطنُكُم مرتعاً لصراع الآخرين وميداناً للمنازعات السياسية”. وكم تبدو هذه العبارات معاصرة لواقع لبنان المنحاز عملياً للمحور الإيراني – السوري وتبعاته والذي يقع تحت المطرقة الأميركية مع خسارة عمقه العربي.  لقد حان الأوان لكي تتعامل السلطات اللبنانية مع مهامها بجدية من مكافحة انتشار " فيروس الكورونا" إلى كل فيروسات الفساد والنهب. ومن دون إعلاء المصلحة الوطنية العليا في معركة الإنقاذ تبقى الإعلانات والوعود الوهمية سراباً منثوراً.  

فخر الدين إن حكى اليوم سيتحسر على لبنان وسيقول لمن كانوا ولمن هم من القيمين عليه: " لبنان الذي سلبتموه وصلبتموه لن يموت ، بل سيلعن قتلته وناهبيه ويحيا من جديد " .

*المصدر: مونت كارلو الدولية