زلّة ندى بستاني تفضح تواطؤ الجميع

02 آذار 2020 09:54:00 - آخر تحديث: 15 أيلول 2020 11:48:18

يبالغ وزراء الطاقة المنتمون إلى التيار الوطني الحر، بالحديث عمّا يصفوه بالإنجازات في الوزارة. وبصورة لا إرادية نابعة من التبعية العمياء، يُعيدون سبب الإنجازات إلى أفكار زعيمهم الثاني، جبران باسيل. 

لكن من يتابع مسار أعمال وزارة الطاقة منذ بداية العهد الباسيلي، لا يستغرق وقتاً ليكتشف أن المسألة سطحية وساذجة، فكل ما في الأمر، أن باسيل وضع خطة للكهرباء في العام 2010، وفشلت. ودليل الفشل، هو تكرار تعديل الخطة وإعادة تسميتها بعناوين مختلفة للإيحاء بأن لكل حكومة ومرحلة سياسية، نشاطها ومشاريعها المتجددة. وما حديث الوزراء – المستشارين عن انجازات باسيلية، سوى تمجيد بأوهام لا أساس لها من الصحة.

إذا ابتليتم بالمعاصي فاستتروا
حاولت القوى السياسية التنصّل من تهم الفساد الموجهة إليها من قِبَل المتظاهرين، الذين خرجوا إلى الشوارع رفضاً لسياسات السلطة. بعض تلك القوى آثَرَت الدفاع عن نفسها بقوة وشراسة في الأيام والأسابيع الأولى للتظاهرات، لكنها سكتت وأخذت تبحث عن مخارج مناسبة لها.

وحدهم العونيون يصرّون على إظهار معاصيهم والتباهي بها، مختارين أكثر الملفات التي تدينهم، وهو ملف الكهرباء. فبالتزامن مع انغماسهم في الاحتفال الفلكلوري بانطلاق أعمال الحفر في أول بئر استكشافية في البلوك رقم 4، أصرّ وزيرا الطاقة السابقين ندى بستاني وسيزار أبي خليل، على تذكير اللبنانيين بمآسيهم مع العهد العوني.

خرجت بستاني مع أبي خليل في مؤتمر صحافي يوم الجمعة 28 شباط، بهدف "توضيح المغالطات الكبيرة التي رُوِّج لها في الإعلام أخيراً والمتعلقة بملف الكهرباء في الفترة التي تولينا فيها وزارة الطاقة والمياه". وعليه، رفضت بستاني اعتبار خطة الكهرباء التي أقرت عام 2019، بأنها خطة بواخر، إذ "لا يوجد فيها كلمة بواخر بل هي خطة إقامة معامل دائمة مدموجة مع معامل موقتة". ورفضت اعتبار الفريق العوني معرقلاً لتعيين الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء. ولم تنسَ اختتام مسرحية التباكي بالقول أن "سنوات من العمل ووجهت بالكذب والافتراء والمس بكراماتنا، ونحن ملفاتنا واضحة وموجودة".

بالتوازي، تباهى أبي خليل بخطّة باسيل التي أتت منذ نحو 10 أعوام، وسط "أزمة كهرباء عمرها عشرات السنين"، وتتّصف بـ"قلة إنتاج وزيادة كلفة". وكذلك، كان المؤتمر الصحافي مناسبةً للدفاع عن النفس، وتحديداً في "موضوع سيمنز Simens والصندوق الكويتي"، حيث أشار أبي خليل إلى أن عروض الطرفين الألماني والكويتي، هي "عروض مختلقة من بعض السياسيين وفي الإعلام".

ملفات بانتظار الرقابة
الاعتراضات التي حاول عبرها بستاني وأبي خليل تبييض صفحتهما الشخصية وصفحة تيارهما، تُردُّ عليهما وعلى تيارهما والقوى السياسية الداعمة التي وافقت على المشاريع المتعلقة بالكهرباء منذ العام 2010 على الأقل.

الاستناد إلى عدم وجود كلمة "بواخر" في الخطة المقرّة عام 2019، هو استناد إلى حقّ يراد به باطل. فغياب كلمة بواخر بصورة صريحة، استعيض عنه مواربةً بعبارة "معامل موقتة"، وهي مواربة تشبه محاولة التذاكي اللغوي التي تتضمنها دفاتر الشروط، المعدة لتنفيذ الخطط في الوزارة، ومنها تضمين الدفاتر عبارات مثل "استقدام/إنشاء"، ليخلص القيّمون على الخطط والدفاتر، إلى أن بناء معامل دائمة على البر، مسألة تحتاج إلى وقت وكلفة، وبانتظار بناء المعامل، نستقدم معامل مؤقتة. والمعامل المؤقة ليست سوى "منصات عائمة"، أي بواخر. إلاّ إن كانت بستاني وفريقها لديهم تفسير آخر للمنصات العائمة. وفي جميع الأحوال، استقدام البواخر واستمرار وجودها، دليل ملموس على أن المقصود من كل العبارات الواردة في الخطط، كانت البواخر، من دون النص عليها صراحةً.

أما الحديث عن عرقلة تشكيل الهيئة الناظمة، فنضيف إليها اختصاراً، وللتأكيد، رفض الفريق العوني تعيين مجلس إدارة لمؤسسة كهرباء لبنان. وكل ذلك بهدف الاستئثار بالقرار.

من جهة ثانية، حسناً فعل أبي خليل بتذكيرنا بمعاناتنا لعشرات السنين من قلة الانتاج وزيادة الكلفة. واليوم، نضيف له أن معاناتنا مستمرة مع فريقه السياسي الذي لم يستطع بخطته تحسين الجباية ووقف الهدر وزيادة الانتاج. وبعيداً عن كل الملفات والتقارير، يبقى التقنين الذي تعيشه كل المناطق اللبنانية، الشاهد الأوضح على فشل التيار البرتقالي في إدارة ملف الكهرباء.

ما حاول الوزيران السابقان استعماله للدفاع عن نفسيهما والتباهي بانجازاتهما، يُفترض أن يكون سبباً لتحريك الملفات العالقة في أدراج الأجهزة الرقابية، من ديوان المحاسبة إلى التفتيش المركزي. إذ أن علامات الاستفهام المدعّمة بالوثائق، كثيرة حول مشاريع الكهرباء، من شركات مقدمي الخدمات إلى بواخر الطاقة ومعمل دير عمار وكل المناقصات التي اجريت خارج إدارة المناقصات في التفتيش المركزي.

المؤتمر الصحافي ليس سوى زلّة كلامية تؤكد لمعارضي السلطة الحاكمة أن لا أمل منها ولا رجاء. فالحكومة وافقت بالاجماع على الخطط التي كهربت القطاع وزادت من مخاطره ورفعت نسبة العجز في خزينة الدولة. وها هي الحكومة الحالية وافقت على استمرار النهج السابق بحجة الوقت غير الكافي للتغيير. ما يعني أن ما نعيش ضمنه، ليس سوى نظام مترابط يعمل بتنظيم دقيق لضمان الفساد في كل القطاعات، وليس فقط الكهرباء.