Advertise here

عن الفكر الانطوائي والتقسيمي!

29 شباط 2020 14:05:30

في الجلسات التي عقدها المجلس النيابي لمنح الثقة للحكومة، قيل كلام خطير تحت قمة البرلمان، والأخطر أنه مر مرور الكرام دون أن يحظى بأي تعليق أو تحليل أو استيضاح سياسي ليس من داخل المجلس فحسب، بل من خارجه أيضاً. الكلام الخطير الذي قيل يتعلق بما يسمي "اللامركزية المالية والإدارية الموسعة"!

فبإستثناء موقف نقدي واضح أطلقه رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط حول هذه النقطة في تغريدة، لم يحظَ كلام رئيس التيار الوطني الحر بما يستحق من رفض مطلق لما يستبطنه من نوايا أقل ما يُقال فيها أنها "تقسيمية"! وهذا يتوافق مع شعار سبق وكتبنا عنه وهو "التقسيميون الجدد"!

ماذا يعني أن يقف نائب ورئيس حزب سياسي على منصته مجلس النواب ويطرح عناوين تتناقض مع وثيقة الوفاق الوطني اللبناني (إتفاق الطائف) والتي صارت بمعظم بنودها في صلب الدستور اللبناني؟ وما المقصود باللامركزية المالية الموسعة والتي لم تتم الإشارة اليها مطلقاَ في الدستور أو الوثيقة اياها أو في أي من النقاشات السياسية التي لطالما اشتعلت في لبنان؟

إن الهدف الأساسي من اللامركزية الإدارية تعزيز المشاركة المحلية وتطوير التنمية المناطقية، ولكن الخطورة تكمن في اقتران ذلك باللامركزية المالية مما ينسف مبدأ الانماء المتوازن الذي ورد أيضاً في اتفاق الطائف وهو محوري لتحقيق المساواة بين اللبنانيين وبين المناطق المختلفة.

إن هذا الطرح الخطير، كما الاصرار مثلا على إقامة محطة سلعاتا الكهربائية رغم عدم جدواها الإقتصادية والفنية والبيئية، وتنفيذ عدد من المشاريع الأخرى يطرح علامات استفهام كبرى حول مشاريع هذه القوى واستهدافاتها السياسية وفي طليعتها الصيغة الوحدوية اللبنانية التي تجاوزت كل المصاعب والحروب وبقيت صامدة، فهل يريد هؤلاء تدميرها رسمياً بعدما دمروّها تدريجياً من خلال سياسات التعطيل واقفال المؤسسات الدستورية ورهن الرئاسة الأولى لسنتين ونصف وسواها من الخطوات التدميرية المعروفة.

لقد آن الأوان لوقف هذا المسلسل من التعديات المستمرة على الدستور والطائف والمؤسسات لا سيما أن التلاعب بالثوابت عواقبه خطيرة وقد تخرج عن السيطرة لا سيما في ظل حالة الانقسام الداخلي العميق الذي كرسته هذه الاطراف وعززته في الكثير من المنعطفات والمحطات.

يا لها من صبيانية سياسية ترتكز على فكر إنطوائي وتقسيمي عقيم!