Advertise here

موجودون وسنبقى موجودين

27 شباط 2020 19:16:04

أول الكلام، إن الأحقاد لا يمكنها بناء الأوطان. وحملة الاتهامات التي تُطلق جزافاً في حق الحزب التقدمي الإشتراكي ورئيسه، ما هي إلا اتهامات وتلفيقات غادرةٍ لقراءاتٍ مجتزأة لا تستطيع فرض نفسها كحقائق دامغة، مهما حاول العابثون؛ لا سيّما وحضرة رئيس الحزب، وليد جنبلاط، في لقاءاته الداخلية كما الإعلامية، غالباً ما يبدأ كلامه بالاستعداد التام للمساءلة والمحاسبة، ويضيف: "رغم صعوبة المراحل التي مررنا بها، لكنني على قناعةٍ تامةٍ بأني أخذت الخيار الأنسب"، ويستذكر مراحلَ أقلّ ما يقال فيها إنه جارَ على نفسه لتغليب المصلحة العامة، وحماية الحزب، وجمهور الحزب بأكمله، وتحييده عن مواجهة محتومة مع قتلة أبيه، المعلّم الشهيد كمال جنبلاط، وجارَ على نفسه، وعلى الحزب وجمهور الحزب، وجميع المناصرين مراراً تغليباً للمصلحة الوطنية.

كان الحزب التقدمي الإشتراكي، ولا يزال، طليعياً في المواقف الوطنية، ورأس حربةِ المدافعين عن لبنان، وحقوق اللبنانيين من جميع فئاتهم، عمالاً وموظفين كانوا أم حرفيين. مدنيين كانوا أم عسكريين. أساتذةً كانوا أم إداريين. أطباء كانوا أم مهندسين. راشدين كباراً كانوا أم قاصرين. وإذا ما وُضعت سلوكياته تحت المجهر، وتتبعنا خطوات ممثّليه في كل المجالس (الوزراء، النواب) واللجان، فهم أبرز الملتزمين بتلبية حقوق الناس ومطالبهم. وهم أبرز المتمسّكين بتطبيق الدستور والقوانين والتشريعات الوطنية، وهم ملتزمون أيضاً بكل تشريعات حقوق الإنسان الدولية، تلك الصادرة عن الأمم المتحدة.

لا يمكن اختزال مسيرة الحزب التقدمي الإشتراكي بمرحلةٍ معينة، ولا يمكن معاقبته على المشاركه في المرحلة السابقة التي أثقِلت بالفوضى المنظّمة، إن في زمنٍ كان فيه النظام السوري قابضاً على مفاصل الدولة، أم بعد انسحابه ورضوخنا للديمقراطية التوافقية، والتي تقوننت من خلال الثلث الضامن الذي رفضناه دائماً. فلسنا مَن خضع له، ولا من تنعّم بتجاوزاته، وهو الذي تحوّل إلى ثلثٍ معطّل، واستفحلت في ظلّه الاعتباطية في عددٍ كبير من الملفات، وأهمها الكهرباء، المسؤولة وحدها عن صرف ما يزيد عن 41 مليار دولار أي 45% من مجمل الدين العام، وصُرف منها بين 2009 و2019 (آخر عشر سنوات) 30 ملياراً و600 مليون دولار.

يضافُ إلى كل ذلك اعتباطية التعطيل المنظّم على مالية الدولة، ومراتٍ عدّة بسبب الرئاسة، ووزراء القبح والتعاسة، ومراتٍ بسبب الحروب التي تعرّض لها لبنان، إنْ مع العدو الإسرائيلي في الجنوب، أو مع الإرهاب في الشمال، أو بسبب أحداثٍ افتعلها، ولا يزال يثيرها، الشحن الطائفي والمذهبي في الداخل، وآخرها حادث البساتين الذي لا يزال رفاقنا الموقوفين يدفعون بسببه ثمن عنجهيات العقول المريضة، والتي كادت أن تؤجّج الفتنة وتطيح بالبلاد بعد أن أطاحت بعلاقات لبنان مع أصدقائه العروبيين والغربيين، وها هي بدأت بتشويه الطبيعة في نهر الكلب الأثري.

وفي جميع الأحوال والأحداث، لم يكن الحزب التقدمي الإشتراكي إلا باحثاً عن أدنى مقوّمات الصمود، وساعياً إلى حماية نضالاته، وقاعدته الجماهيرية الوطنية من تطاول أقزام السياسة. ولم يكن رئيس الحزب إلّا القائد الذي يعمل بحكمةٍ وروية معطوفةٍ على الحنكة السياسية لإطفاء الحرائق، وإخماد مشاريع الفتن المتنقلة، وبلسمة ما أنتجته الحوادث من جراح، واجتراح الحلول، والتفوّق على الأزمات تشبثاً بالسلم الأهلي، وبالأمن والاستقرار، وتأكيدَ المصالحة بوجه العابثين بها، والثبات في مدّ الأيدي فقط لإعادة البناء وللتطوير والحداثة.

هذا هو واقع الحال، وقد لا يجده البعض مبرراً بالمطلق. يجوز!!! لكنه يعطي أسباباً أكثر من تخفيفية بالتأكيد. أمّا الذي يريد توجيه الانتقاد لمسيرة الحزب ولخياراته، فما عليه إلّا أن يقرأ تاريخ الحزب، ويبحث في مسيرته النضالية، ويتعرّف على مجمل خياراته. فنحن حزبٌ جماهيريٌ، وآراؤه ومواقفه معلنةً ولا لبس فيها، وعمله شفّافٌ تمتلئ به صفحات الجرائد، ومئات الكتب، وتبثّها وسائل الإعلام المرئي والمسموع منذ نشأته في العام 1949 حتى الآن. ولا يوجد ما نخجل به. هكذا كنّا مع المعلّم الخالد، وهكذا نحن مع الوليد القائد، وهكذا سنكون إلى جانب تيمور الواعد، ونردّد معه "موجودون وسنبقى موجودين".