Advertise here

عون يختصر لبنان "النفطي" بتياره وصهره.. والكورونا يتحدّى التضامن الداخلي

27 شباط 2020 05:32:00 - آخر تحديث: 27 شباط 2020 09:27:07

بعد سنوات من المماحكات التي أضاعت على اللبنانيين سنوات من الفرص، وأدخلتهم في أزمة تكاد لا تنتهي، وصلت سفينة الحفر النفطية ليتّخذ منها رئيس الجمهورية ميشال عون "مناسبةً تاريخية"؛ فخرج معلناً بدء أعمال التنقيب عن النفط والغاز في المياه الاقتصادية اللبنانية بعد طول انتظار، ومضمّناً موقفه ما يشبه المرافعة السياسية من أعلى مرجعية في الدولة دفاعاً عن تمسّك التيار الوطني الحر، الذي كان يرأسه منذ تأسيسه ولغاية العام 2015، وإصراره منذ عودته من المنفى، كما قال، على الاحتفاظ بوزارة الطاقة بشخص الوزير الصهر جبران باسيل، ووزراء التيار الذين تعاقبوا عليها. وكل ذلك من أجل تحقيق هذا الإنجاز الذي كان مقرراً البدء به في العام 2013، ودائماً حسب قوله، لكن الظروف والأوضاع أخّرت عملية التنقيب 7 سنوات على أن تبدأ اليوم فيدخل لبنان معها إلى نادي الدول المنتِجة للنفط.

أما دفوع الرئيس عون عن وزارة الطاقة فقد جاءت لافتةً من مرجعيةٍ رسميةٍ بعد أيام من ما كشفه الحزب التقدمي الاشتراكي، بالأرقام والوثائق، عن الهدر المخيف في هذه الوزارة، والبالغ أكثر من 41 مليار دولار في قطاع الكهرباء وحده.

الرئيس عون، الذي وعد اللبنانيين بزوال المحنة المالية والاقتصادية التي يرزحون تحتها منذ سنوات، توعّد في الوقت نفسه خصومه السياسيين بالإيحاء أن معارضتهم التي تستهدف العهد وفريقه السياسي سوف تذهب أدراج الرياح، وأن الذهب الأسود الذي سيبدأ لبنان باستخراجه من البحر سينعش الاقتصاد المتهالك، ويفيض خيراً على جيوب اللبنانيين الفارغة إيذاناً لهم للاحتفال بالمئوية الأولى لولادة لبنان الكبير.

مصادر معارِضة علّقت عبر "الأنباء" على كلام الرئيس عون بالقول: "إذا كانت مدة التنقيب في بلوك رقم 4 قد تستغرق أكثر من شهرين للتأكد من وجود النفط والغاز، فكم يلزم من الوقت لاستخراجه، وبناء الخزّانات والمصافي اللازمة؟ وهو الأمر الذي يستغرق سنوات من العمل حتى يصبح لبنان من الدول المنتجة والمصدرة للنفط". وسألت المصادر، "من يضمن أن لبنان سيتمكن من بيع نفطه كباقي الدول النفطية وسط المضاربات التي ستحصل من قِبل قبرص وإسرائيل؟". وانتقدت المصادر الإسراف بالتفاؤل إلى هذا الحد، مشبّهةً كلام عون عن النفط بكلامه يوم انتخابه رئيساً للجمهورية، وعزمِه على بناء الدولة وإصلاح المؤسّسات، ووقف الهدر والفساد، فكانت النتيجة خروج مليون لبناني إلى الشارع والمطالبة بإسقاط العهد، والانتخابات المبكرة، والتخلّص من الطبقة السياسية. 

وفي مقابل احتفالية الرئيس بالتنقيب عن النفط، جاء قرار الإدارة الأميركية، الذي أعلنه وزير الخزانة، بوضع 12 شركة مرتبطة بشكل مباشر بحزب الله على لائحة المتهمين بالفساد، والكشف عن أكثر من 30 اسماً تم إدراجها على "لائحة الإرهاب"، من بينهم يوسف عبد الرضا، وجواد نور الدين. 

توازياً، كان لافتاً التصريح المكتوب الذي أدلت به السفيرة الأميركية إليزابيت ريتشارد بعد لقائها الرئيس عون في زيارة وداعية، وقولها إن لبنان أمام نقطة تحوّل كبيرة، وإن النظام اللبناني لم يكن يعمل في السنوات الماضية، داعيةً اللبنانيين للعمل على مساعدة بلدهم، مؤكدةً أن الإدارة الأميركية كانت، وستبقى، إلى جانب لبنان.

وفي هذا السياق، تمنّت المصادر المعارِضة أن يكون ما عبّرت عنه السفيرة ريتشارد، "هو الحقيقة، وليس من باب المجامِلة لمناسبة انتهاء مهامّها الدبلوماسية، لأن لبنان ينتظر بالفعل وقوف الدول الصديقة إلى جانبه، وبالأخص الولايات المتحدة، وضرورة دعمه للخروج من محنته، لا أن تتركه هذه المرة لأنه سئم الوعود التي أنهكته".

على صعيدٍ آخر، أكّدت مصادر كتلة التنمية والتحرير الجدّية التي يوليها رئيس المجلس النيابي نبيه بري لجهة حرصه على عدم المساس بودائع اللبنانيين؛ مشيرة إلى أن، "موقفه الوطني المسؤول نابعٌ من حرصه على أموال اللبنانيين، وودائعهم المصرفية، مهما كلّف الأمر، وهي بالنسبة إليه خطاً أحمر، ويفضّل عدم دفع المستحقات إذا كانت ستسدّد من جيوب الناس".

ونقلت المصادر عن بري عبر "الأنباء" رفضه المتاجرة بحقوق الناس، "فهو الذي يرفض ما يتعرض له المودعين من إهانات على أبواب المصارف، وكيف له أن يقبل المساس بودائعهم؟ وهو يدعو الحكومة ومصرف لبنان للبحث عن حلول بالطريقة التي يرونها مناسبة، ولكن من خارج جيوب الناس".

من جهةٍ ثانية، ومع تسجيل ثاني إصابة رسمية في لبنان بفيروس كورونا. وثمّنت مصادر حكومية موقف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، وليد جنبلاط، وقوله إن، "فيروس كورونا لا دين له ولا عرق"، ودعوته إلى وضع الخلافات السياسية جانباً، وكذلك، "لتكن محاربة المرض فرصة للتضامن والتعاون بين فئات المجتمع والأحزاب، وامتحاناً للدولة لتحسين وسائل المواجهة في كل القطاعات"؛ معتبرة أنه، "كلام مسؤول يصدر عن زعيم مسؤول". وأضافت المصادر: "هذا هو وليد جنبلاط الذي يعرفه اللبنانيون، رجلَ الأوقات الصعبة، فلا تفوته شاردةً أو واردة تتعلق بالدفاع عن حق لبنان إلا ويعبّر عنها، ولو على طريقته وبكل إباءٍ ومسؤولية. فالقيادات المخلصة تُعرف عادةً من مواقفها، وهذا ما عوّدنا عليه وليد جنبلاط في الأوقات الصعبة والخطيرة".

وأمِلت المصادر الحكومية أن تحذو كل القوى السياسية حذو جنبلاط، و"عندها فقط يمكن القول لا خوف على لبنان". لكن المصادر استدركت بالقول: "للأسف، هناك من يستثمر حتى في الكورونا".