كل 6 ساعات لبناني يفكّر في الانتحار... الأزمة الاقتصادية تحوّل اللبنانيين إلى رهائن

26 شباط 2020 11:35:00 - آخر تحديث: 26 شباط 2020 16:51:35

منذ أشهر ولبنان يعاني من أزمة اقتصادية واجتماعية حادة أوصلت لبنان إلى حافة الانهيار، وجعلت من الشعب اللبناني رهينة الأزمات المتلاحقة بدءاً من الرغيف وصولاً إلى المحروقات وتدهور سعر العملة، وإقفال العديد من الشركات، وبالتالي زيادة معدلات البطالة، حتى بات المواطن غير قادر على تأمين مستلزمات الحياة الأساسية والبسيطة، وأصبح المجتمع اللبناني يقتصر على طبقتين فقط هما الطبقة الغنية والطبقة الفقيرة، وأحياناً ما دون خط الفقر مع اختفاء للطبقة الوسطى.

وفي ظل هذه الأوضاع الصعبة التي يشهدها لبنان تمّ تسجيل العديد من حالات الانتحار في الأشهر الماضية، والتي تعود أسبابها إلى الأوضاع القاسية، والضغوطات الاجتماعية التي أنهكت المواطن اللبناني. وقد ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي في اليومين الماضيين بخبر انتحار شابين. والمفارقة أنهما من حملة الشهادات العليا، ولكن من عداد العاطلين عن العمل، ما دفعهما إلى الإقدام على الانتحار.

وفي الأرقام، يشهد لبنان حالة انتحار كل ثلاثة أيام، أي ما يقارب 150 حالة انتحار سنوياً، بحسب إحصاءات قوى الأمن الداخلي. ولا تشمل هذه الأرقام حالات الانتحار غير المسجّلة، أو المكتومة لاعتبارات دينية واجتماعية. وبحسب جمعية "إمبرايس" ففي كل 6 ساعات هناك أحد يفكّر في إنهاء حياته، وأن غالبية المتصلين بخط الحياة، أي الخط الساخن للجمعية، هم أشخاص يعانون من ضغوطاتٍ نفسية، ويشكون من كافة أنواع الضيق الاجتماعي.

وتوضيحاً لمدى تأثير الأوضاع التي يمر بها البلد على الصحة النفسية، ونِسب الانتحار، أكّدت المعالِجة النفسية نضال رياشي في حديثٍ لـ"الأنباء" أن الانتحار لا يحدث في البلاد المنخفضة الدخل فحسب، بل هو ظاهرة عالمية في جميع أقاليم العالم، مشيرةً إلى أن 75% من حالات الانتحار العالمية حدثت عام 2012، في البلدان المنخفضة الدخل. 

ولفتت رياشي إلى أن الكوارث الطبيعية، والنزاعات الأهلية، والأوضاع الاجتماعية، من الأمن، والمال، والسكن، تزيد من خطورة الانتحار، وذلك يعود إلى تأثيرات هذه العوامل على الرفاه الاجتماعي.

وأضافت أن هناك عوامل أخرى تلعب دوراً في هذا الإطار، ومنها الضغط النفسي، والتوتر، والفصام، وخاصةً الاكتئاب.

عرّفت رياشي الانتحار على أنه الفعل الذي يتضمن تسبُّب الشخص عمداً في قتل نفسه. وقد يعود الأمر إلى اضطرابٍ نفسي كالاكتئاب، أو الفصام، أو الإدمان على الكحول والمخدرات، وغالباً ما تلعب بعض العوامل الأخرى، مثل الصعوبات المالية، أو المشاكل الاجتماعية، دوراً في ذلك.

ورداً على سؤال عن أساليب الوقاية، اعتبرت رياشي أن هناك العديد من الأساليب منها تعزيز العلاقات الشخصية، ويُعتبر الأهل والأصدقاء المصدر الكبير. وشدّدت على أهمية انتباه الأهل للصحة النفسية لأطفالهم، ووجوب تقديم الدعم الاجتماعي والعاطفي لهم. وفي حال لم تتغير حالة الشخص وجب التوجّه إلى أخصائيين في هذا المجال، بالإضافة إلى وضع استراتيجية شاملة متعددة القطاعات، وذلك من خلال برامج الإرشاد لتعزيز الترابط بين الشباب، وأنظمة الوقاية على نطاق المجتمع لتمكين المجتمع من معالجة هذه المشكلة، والبرامج المدرسية للوقاية من الانتحار.

وتعود حالات الانتحار لدى الشباب اللبناني لتفتح باب النقاش حول الوعي العام تجاه العلاج النفسي، وطبيعته وقوننته، مع الإشارة إلى وجود جمعيات مجانية، وشبه مجانية للحصول على خدمات طب نفسي، ومعالجين نفسيين، أو دعم أسري أو استشارة، وجمعية “Embrace” هي إحدى هذه الجمعيات، ويمكن التواصل معها عبر الخط الساخن 1564 للدعم النفسي والوقاية من الانتحار.