Advertise here

الكورونا "خفّض" مشاركة الإيرانيين بالانتخابات.. والنتائج أقصت الإصلاحيين

26 شباط 2020 05:20:00 - آخر تحديث: 26 شباط 2020 10:34:27

خيّم انتشار فيروس كورونا في إيران على باقي الملفات والأزمات الإيرانية، لاسيما على نتائج الانتخابات التشريعية وآثارها القاسية على المستويين الداخلي والخارجي، خاصة مع تراجع نسبة المشاركين فيها، والتي بلغت 43% في سابقة لم تشهدها الجمهورية الإسلامية منذ الثورة التي احتفلت قبل أيام بعيدها الأربعين.

فالانتخابات الإيرانية التي جرت يوم الجمعة الماضي، وفاز فيها المتشددون، شكلت ضربة كبيرة للإصلاحيين المعارضين لسياسة علي خامنئي، ووجهت رسالة سلبية على المستوى الإقليمي، لا سيما بعد اكتساح المقاعد الثلاثين في العاصمة طهران من قبل المحافظين.

لقد بدا واضحاً أن النظام الإيراني عمل على تمهيد الطريق أمام المتشددين، ومحاصرة الإصلاحيين، قبل الوصول الى موعد الاقتراع، من خلال مجلس صيانة الدستور الذي يخضع لسيطرة المرشد الأعلى للثورة والذي وضع العراقيل أمام الإصلاحيين من خلال رفضه طلب ترشيح ثمانين شخصية منهم، وهم المعروفون بشعبيتهم الواسعة، إضافة إلى استبعاد 1633 من المرشحين المؤيدين للإصلاحيين، لا سيما الوسطيين، ومنعهم من الدخول في المنافسة على 290 مقعدا يتشكل منه المجلس النيابي الإيراني. 

لقد أعطى هذا التصرف مبرراً قوياً لمقاطعة الانتخابات، لاسيما من قبل الشباب والعمال الذين خرجوا في الأشهر الماضية الى الشوارع في تظاهرات غاضبة ورافضة للواقع الاقتصادي والمعيشي الذي وصلت إليه البلاد، والتي جرى قمعها بالقوة كما سابقاتها، وذلك للمرة الثالثة في السنوات الأخيرة، حيث استخدمت السلطات الإيرانية العنف المفرط والرصاص الحي ضد المتظاهرين.

وعلى الرغم من التدخل المباشر لخامنئي في الدعوة للمشاركة الكثيفة في الاقتراع، حيث اعتبرها "واجباً دينياً"، لم تتجاوز نسبة الاقتراع في العاصمة طهران الـ 25%، ما اضطره لتبرير ذلك بـ "عدم ثقة الشعب الإيراني بنظامه الديمقراطي"، وإلى تأثير الإعلام الأجنبي السلبي الذي يقف وراء "التهويل من ?يروس كورونا".
 
وكان وزير الداخلية الإيراني عبد الرضا رحماني فضلي أعلن "أن نسبة المشاركة التي بلغت 42% في البلاد"؛ وأن "عدد الناخبين بلغ 24 مليونا من 58 مليون ناخب كان يحق لهم التصويت"، وأظهرت نسبة المشاركة تراجعا كبيرا مقارنة بالانتخابات التشريعية الماضية، التي بلغت 62% في كل أرجاء البلاد، ونحو 50% في العاصمة حينها.

 وأعلن المتحدث باسم هيئة الانتخابات إسماعيل موسوي، النتائج النهائية لفرز أصوات المقترعين، التي أظهرت سيطرة شبه مطلقة للتيار المحافظ (221 مقعدا) على البرلمان، مقابل 16 مقعدا للإصلاحيين و34 للمستقلين، ومن المقرر أن تحسم الجولة الثانية المقررة يوم 18 نيسان المقبل المقاعد المتبقية البالغ عددها 19.

نسبة التراجع في المشاركة، والتي تعتبر الأولى منذ انتصار الثورة الإيرانية في العام 1979، تعود أسبابها المباشرة وفق رأي مصادر خاصة للأنباء، إلى "سياسة السلطات الإيرانية في تعاملها مع الناس؛ وإطلاق يد الحرس الثوري، إضافة الى الغضب الشعبي من القضايا الاقتصادية، الى حالة الفساد التي تغزو مؤسسات الدولة نتيجة سياسة المحسوبيات"، ما ساهم برأي المصادر، "في إحباط عزيمة الإيرانيين، وفي عزوفهم عن المشاركة في الانتخابات، لا بل دفعهم الى سلوك منحى احتجاجي تصاعدي، منذ قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران وإعادة فرض العقوبات الاقتصادية عليها ثم لاحقا اغتيال قاسم سليماني الرجل الثاني في تراتبية القيادة الإيرانية والذي كان قد ساهم في تعزيز قبضة إيران الإقليمية".
 
وفي قراءة لتأثير تلك النتائج على السياسة الداخلية والخارجية للدولة، رجحت المصادر التي فضلت عدم الكشف عن اسمها، أن "تتعرض حكومة الرئيس حسن روحاني في ما تبقى من عمرها لضغوط من قبل التيار المنافس، والذي سيبذل مساعي حثيثة للتأثير في السياسة الخارجية، وخاصة الملفات الإقليمية، ومنها دعم محور المقاومة، كما أن البرلمان المحافظ سيعمل على تعزيز القدرات الدفاعية الإيرانية".

أما بشأن تأثير البرلمان المحافظ على علاقات طهران مع القوى الغربية، ترى المصادر أن الأمور "ستتجه نحو التصعيد، وأن البرلمان الجديد سيقضي على أي فرصة للحوار المباشر مع واشنطن"، وتوقع أن "تتعرض الحكومة للضغط، بشأن العلاقة مع الترويكا الأوروبية، لحثها على الوفاء بالتزاماتها في الاتفاق النووي"، كما أنه لا يستبعد أن "يعمل البرلمان المقبل على خروج إيران من معاهدة الحد من انتشار السلاح النووي".