Advertise here

لأجل كل هذا... صيغة الكيان باتت بخطر

23 كانون الثاني 2019 09:41:00 - آخر تحديث: 23 كانون الثاني 2019 10:10:10

ليس بعيداً التجاوز البروتوكولي الذي حصل في توجيه الدعوات لحضور القمّة الاقتصادية، عن أزمة تشكيل الحكومة. ثمة طرف في البلد، يسعى إلى مدّ يده إلى خصوصيات البيئات الأخرى، لعباً على حبال تناقضاتها، وإثارة للانقسامات بين مكوناتها. توجيه الدعوة إلى أحد المشايخ الذي ليس لديه أي صفة رسمية، يشبه افتعال عقدة وزارية لنواب موزعين على الكتل وتجمعوا في كتلة للمطالبة بالتمثّل مرتين في الحكومة. كما يشبه حالة افتعال عقدة درزية لأجل توزير من يمثل شخصاً دخل إلى المجلس النيابي على كرسي شاغر، ترك له انسجاماً مع مبادئ وأخلاق على ما يبدو أنها تستمرّ في التداعي.

اختراع العقدة السنية بعد الدرزية، هو دليل عن نهج سياسي، تتبعه بعض القوى ويبدو أنه يطيب لها. ومساعي ضرب الأعراف الدستورية والتقاليد السياسية، أصبحت مساراً تنتهجه هذه القوى لتحقيق اختراقاتها في صفوف الطوائف والبيئات المختلفة عنها، فلم يقتصر اختراع العقد على الشق الوزاري، بل على ما يبدو أنها تتطور باتجاه الشرائح الشعبية والمقامات الدينية. وهي بالتأكيد لا تنفصل عن المساعي التي يبذلها النظام السوري لأجل تسجيل اختراق في الساحة الدرزية، خاصة من خلال تجميع بعض القوى المناهضة للحزب التقدمي الاشتراكي، وإعادة لملمتهم بعد خلافات في ما بينهم، فقط لأجل استفزاز المختارة ومناصريها، ولأجل إضعاف الدروز.

ولأن المشاكل المثارة لا تقتصر على طائفة دون غيرها، فهي طالت في إطار معركة التحجيم والتدخل في الشؤون الداخلية للقوى السياسية والمكونات الرئيسية في البلد، كان الطرف نفسه، يسعى إلى تحجيم القوات اللبنانية وتيار المردة في آن، وتتقاطع مصالحه مع أطراف أخرى على اختراق الساحة السنية وزارياً بعد أن تم اختراقها إنتخابياً، وهو نفسه الطرف الذي سعى إلى إختراق الطائفة الشيعية من خلال تقديمه لمرشحين من خارج الثنائية الشيعية، وتجّلت المعركة الفصل في جبيل، من خلال التحدي الذي خاضه التيار الوطني الحرّ ضد مرشح حزب الله الشيخ حسين زعيتر.

هذه المساعي الهادفة لإرساء تقاليد وأعراف جديدة في السياسة اللبنانية، لا تتوانى عن ابتداع أفكار سياسية بعيدة كل البعد عن الدستور، كما كان الحال في الصراع على الصلاحيات بين الرئاسة الأولى والثالثة، وكما هو الحال في المطالبة بالحصول على الثلث المعطّل ونسبه زوراً إلى اتفاق الطائف بوصف هذا الثلث تعويضاً عن الصلاحيات التي سحبت من رئيس الجمهورية، وهذه نظرية لا أساس دستورياً أو قانونياً لها ولا تستند إلا على نوايا أصحابها.

يستكمل هذا الطرف مساره، من خلال ابتداع اختلاقات جديدة في الشروط المفروضة لتشكيل الحكومة، بعيد إعادة تفعيل المشاورات الحكومية، لجهة عدم تنازله بأي شكل عن الثلث المعطّل، ولذلك يدفع باتجاه تشكيل حكومها من 32 وزيراً، في إشارة إلى زيادة طموحه بالحصول على 12 وزيراً بدلاً من أحد عشر، فيما يكون اللقاء التشاوري قد تمثّل من خارج حصته. ما يجري يزكي الخلافات الطائفية والمذهبية، ويؤسس لصراع سياسي لا ينتهي، وأصبح لا بد من الوقوف وقفة وطنية في مواجهة كل هذه المحاولات التي تهدد صيغة الكيان.