Advertise here

الرواية الكاملة لما حصل في الحمرا

21 شباط 2020 13:58:00 - آخر تحديث: 21 شباط 2020 14:01:31

بدأت بعد ظهر الأربعاء رسالة مجهولة المصدر بالتداول عبر الواتساب كالنار في الهشيم. الرسالة قالت التالي: "أنصار التيار الوطني الحر في تظاهرة غداً الخميس أمام مصرف لبنان الساعة 5 بعد الظهر، سوف تكمل طريقها إلى منزل وليد جنبلاط".

تلتها على عجل رسالة أخرى تحرّض "أنصار الحزب التقدمي الإشتراكي" للمواجهة؛ وتقول: "سنكون في انتظارهم وانتظار أمثالهم من حثالة البشر امام المنزل ...". 

لم يُعرف حتى الساعة مصدر الرسالتين. لكن القيادة الحزبية وبطلب من جنبلاط قامت ليل الأربعاء بتعميم التالي: "إلى الرفيقات والرفاق... يتم تعميم دعوة عبر مواقع ووسائل التواصل الاجتماعي حول نهار غد الخميس في كليمنصو؛ تهدف إلى جر الأمور إلى صدام ممنوع حصوله. يطلب إلى الجميع عدم تعميم مثل هذه الدعوات وعدم التجاوب والانجرار خلفها. ويرجى الانتباه التام لكل هذه المحاولات والحفاظ على أعلى درجات الوعي".
ثم أجرت القيادة الحزبية اتصالات بمختلف مناطقها لمنع الانجرار.

صباح الخميس عادت رسائل التحريض المجهولة. بدأ عدد من الشباب الإشتراكي المتحمس بالنزول إلى منزل وليد جنبلاط في كليمنصو. استدرك جنبلاط الموضوع وكتب تغريدة على "تويتر" قال فيها: ‏"إلى الرفاق والمناصرين. إن حق التظاهر والتعبير عن الرأي هو من مظاهر الحياة الديمقراطية في لبنان. لذللك أتمنى أن لا تنساقوا وراء الأخبار الكاذبة والملفقة لبعض من التواصل الاجتماعي وأن نحتفظ دائماً بالهدوء والموضوعية في أي تبادل للرأي. هذا كان موقفي في أول لحظة من انطلاقة الثورة". 

بعد الظهر خرج جنبلاط ودعا كل الشباب المتجمهر أمام منزله الى الدخول، وحاورهم في الوضعين الاجتماعي والإقتصادي. وطلب منهم الهدوء والمغادرة لأن الأمور بعهدة قوى الأمن ولا شيء يستدعي كل هذا الاستنفار. 

بالتزامن بدأ المتظاهرون العونيون بالوصول إلى مقابل مصرف لبنان القريب جغرافياً من منزل جنبلاط. 

فجأة وصلت سيارة الى مفرق الطريق المؤدية إلى منزل جنبلاط. ركنها صاحبها على مدخل موقف السيارات. اقترب منه درّاج من قوى الأمن الداخلي - شرطة سير بيروت؛ قال له: يا أستاذ لا يمكن التوقف هنا. رفض السائق إزاحة السيارة. وانخفض قليلاً واضعاً يده تحت المقعد. استنفر العنصر الدرّاج لاعتقاده ان السائق انخفض ليسحب عصى من تحت المقعد. اقترب دراج آخر من قوى الأمن شاهد زميله يتواجه مع السائق. لكن السائق الذي وضع يده أسفل المقعد إنما كان يفتح صندوق السيارة. 
ثم ترجل السائق وأخذ من الصندوق سلاحاً رشاشاً ما استدعى تدخل الدراج طلبا للترخيص. وحصل شجار بعد رفض السائق إبراز ترخيص بحمل السلاح؛ ما اضطر الامر بعنصر قوى الأمن الى نزع السلاح بالقوة؛ ثم وصل في هذا الوقت عدد من مناصري التقدمي وكبر الإشكال وتطور اكثر. فقامت القوى الأمنية بتوقيف السائق ومصادرة سلاحه مع ثلاثة مماشط رصاص وسوقه إلى فصيلة مينا الحصن. وتبيّن أنه ينتسب للتيار الوطني الحر بعد العثور على بطاقته الحزبية. 

الحادث أدى الى غليان في صفوف مناصري الإشتراكي. فقرروا التقدم نحو تقاطع أريسكو بالاس لمنع أي محاولة أخرى من مناصري التيار الوطني الحر الإقتراب من مدخل منزل جنبلاط. 
وقف الجيش والقوى الأمنية بين الطرفين. حصل تراشق بزجاجات المياه. ولمّا تطور الأمر نزل نواب الإشتراكي وطلبوا من الجميع العودة إلى منزل جنبلاط الذي تحدث إليهم مجدداً أمام كل وسائل الإعلام وكان موقفه واضحاً. الهدوء الهدوء. وبحكمته أنهى فتيل الفتنة.

لم يكن الأمر دفاعًا عن مصرف لبنان أو حاكمه؛ كما حاول العونيون وبعض الإعلام الأصفر القول. لو أن الأمر دفاعًا عن مصرف لبنان فلماذا لم يحصل ذلك مع المظاهرات السابقة التي حصلت أمام المصرف وبعضها حاول اقتحامه؟؟

ما حصل كان واضحاً. محاولة عونية عبر المظاهرة بالاستفزاز؛ ثم عبر رجل تتكرر الحوادث المرتبطة به الى اشعال الفتيل. كان المطلوب بالأمس وفق الأجندة الخاصة ببعض التيار الوطني الحر اشتعال جبهة في بيروت قرب منزل وليد جنبلاط.

لكن أفشل الحزب التقدمي الإشتراكي الإغارة. وأسقط وليد جنبلاط الفتنة. وانتصر الهدوء الذي يعرّي زيف هذا العهد وفشله.