Advertise here

كي لا يضيع الوطن

21 شباط 2020 10:58:00 - آخر تحديث: 21 شباط 2020 11:54:13

من منا لا يحلم بوطن تسود فيه الطمأنينة الاجتماعية والأمن والرخاء، يعلو فيه صوت القانون على جميع الأصوات، خالٍ من الفساد والفاسدين، جميع حقوق المواطن مؤَمّنة، ضمان صحي وتعليم مجاني، وفرة في فرص العمل، وميزانه الاقتصادي رابح؟

مَن منّا لا يحلم بوطن يفخرُ به جميع أبنائه، ديمقراطي، علماني؛ يتساوى فيه جميع المواطنين في الحقوق والواجبات، يؤمن بالشباب وبقدراتهم، بعيد كل البعد عن الصراعات الدولية والإقليمية، وليس لديه مشاكل مع أحد؟

جميلةٌ هي الأحلام، لكن  هناك الكثير لفعله كي تستطيع تغيير الواقع المر الذي يوحي وكأن لا شي يمكن أن يتغير. صحيح أنه لا يمكن لأي بلد أن يعيش بمعزل عن محيطه، وإذا كان في الماضي الصراع فكرياً اقتصادياً بين عملاقين هما الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة الاميركية، أي بين اليسار واليمين، وانعكس في حينه على الساحة الإقليمية واللبنانية، فبرزت الاحزاب الفكرية العقائدية، والقادة والمفكرين، وكان التنافس وبالرغم من العنف الذي حصل في بعض المراحل، على اساس الافكار، المبادئ والرؤى؛ فإننا اليوم في واقع مختلف تماماً.

ما اجمل تنافس الماضي مقارنةً بالحاضر، وما أرقى الصراع الفكري مقارنة بالصراع الطائفي والمذهبي. وما أصعب الواقع المحيط اليوم: دولة عنصرية محتلة جنوباً، الى دولة ترزح تحت وطأة حرب كونية تدور على خلفية مذهبية شمالاً وشرقاً، الى صراع إقليمي دولي على خلفية خلاف ديني وقع قبل 1400 سنة، وتحت التأثير المباشر  لأحد الجيوش التابعة للفيالق المقدسة، والتأثير المالي والاقتصادي من قبل الفريق الآخر، هكذا يعيش المواطن اللبناني اليوم.

بين الواقعية السياسية وما تفرضها من تحالفات تسويات وتنازلات، وبين الحنين للماضي الجميل للتاريخ النضالي الفكري المبدئي العقائدي الثوري. بين هاجس البقاء وتحييد أنفسنا عن لهيب نار لا ترحم احد، وبين ثقل الإرث المفعم بالافكار والمبادئ والأحلام؛ بين الفوضى التي يريدها البعض لتقويض هذا النضال وهدم الأحلام والآمال؛ وبين ضرورة النضال الدائم لتحقيق كل تلك التطلعات، القلق ثم القلق من أن يضيع الوطن.

الآراء الواردة في هذه الصفحة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جريدة الأنباء التي لا تتحمل مسؤولية ما تتضمنه.