Advertise here

بعدما أدرك الخسارة... باسيل يلجأ إلى اللامركزية المقنّعة

18 شباط 2020 10:06:00 - آخر تحديث: 18 شباط 2020 10:21:07

لاقى موقف رئيس التيار الوطني الحر، جبران باسيل، من مجلس النواب الذي تحدث فيه عن لا- مركزية إدارية ومالية موسعة، العديد من الشجب والاستغراب في الأوساط السياسية الداخلية والخارجية؛ خاصة وأنه لا يمكن وضع موقف من هذا النوع في سياق الموقف العادي أو الشعبوي في ظل الظروف الدقيقة التي يمرّ بها لبنان. 

تحمل دعوة باسيل مناقضته لنفسه عندما تحدّث عن الحفاظ على اتفاق الطائف وتطبيقه، بينما الطائف ينص على لا- مركزية إدارية فقط، ولم يأتِ على ذكر اللا- مركزية المالية. وكأن ما رمى إليه رئيس التيار الوطني الحرّ يهدف إلى ملاقاة الحروب والصراعات الدائرة في المنطقة، والتي أدّت إلى فرزٍ ديمغرافي عرقي ومذهبي، ويعود بذلك إلى نغمة التقسيم القديمة بكلام منمقٍ ومبطن حول اللا- مركزية. 

وإذا ما جرى ربط هذا الموقف السياسي بمواقف شعبوية سابقة كان قد أطلقها الرجل نفسه قبل فترة، سواءً خطابه العنصري ضد اللاجئين، أو التفوقي على اللبنانيين الآخرين، وربطاً بقرارات منها منع استئجار، أو تملّك المسلمين في بعض المناطق المسيحية، فإن ذلك يصل إلى خلاصة واحدة، وهي تكريس التقسيم في النفوس قبل تكريسه في النصوص.

ولتكتمل عدّة العمل لتحقيق هذا المشروع، يُرفق التيار الوطني الحر هذه المواقف التي تفرز اللبنانيين بمواقف أخرى، ويحاول من خلالها التنصّل من مسؤولية وجوده في السلطة منذ 15 سنة، وبالتالي تمييز نفسه عن القوى السياسية الأخرى، ويُجري لذلك عملية ضخّ هائلة لدى جمهوره لتكريس هذا الانقسام، وتقديم أنفسهم بصيغة صفوة القوم.

هذا كلّه لا يؤسّس لغير التفرقة، وحتى لو كان هذا المنهج السياسي يقوم على حسن النيّات، والسعي للبحث عن شعبوية أو عن حلول. إلّا أن من يطلقه يبدو قصير النظر لما تتركه هذه التصرفات من ارتداداتٍ على الواقع السياسي والمؤسساتي في البلد، ويحجم عن مراقبة الارتجاجات والتصدعات التي ستصيب الكيانية اللبنانية.

هناك من يعتبر أن باسيل نظر إلى نفسه، ووضعه، والخسارات التي راكمها في سجله وتظهّرت بعد انفجار 17 تشرين السياسي والاجتماعي. وكانت أكثر الانتقادات توجّه اليه وتصيبه، فأيقن خسارته لكل محاولاته في تطويب نفسه وتنقيتها، وزادت خسارته عندما خُلع من الحكومة التي بقي حتى اللحظة الأخيرة مصمماً على الدخول إليها، لأنه منها يستمد قوته وبقاءه وعلة استمراريته. وعندما وصل إلى الاقتناع بالخسارة، لجأ الى أسلوب جديد في المواجهة السياسية بعد فشل محاولات استفزاز الآخرين لتقوية نفسه عبر شدّ العصب الطائفي، فتحوّل مشروعه إلى ابتزاز القوى السياسية الأخرى بطرح مسألة اللا- مركزية الموسّعة، بحثاً عن دورٍ جديد على مستوى أصغر بعد أن فشل على المستوى الأكبر.