Advertise here

"فشرتو"!

17 شباط 2020 12:20:00 - آخر تحديث: 05 أيلول 2020 23:45:29

قد لا يكون مصطلح "فشرتو" جديداً على الحياة السياسة اللبنانية، لكنّه بالتأكيد سيلقى رواجاً كبيراً بعد أن استخدمه الرئيس سعد الحريري في خطابه "العاطفي" في الذكرى الخامسة عشرة لاستشهاد والده الرئيس رفيق الحريري، حيث فنّد بعض مفاصل المعاناة التي تكبّدها عقب التسورية الرئاسية التي عقدها "مرغماً" مع العهد البرتقالي.

قد يكون الحريري اكتشف متأخراً مدى الحقد والانتهازية والرغبة في الانتقام التي تكتنز عقل وقلب هذا العهد بدءاً من رئيسه الأصلي وصولاً إلى "رئيس الظل" ومن خلفهما طبعاً "المنظّر الدستوري الجرصة" وصولاً إلى جوقة الشتّامين المستنفعين والمستوزرين والحالة "الإلغائية" التي "تعشعش" في تفكيرهم والتي فنّدها الحريري في خطابه الأخير.

وبالإذن من الرئيس الحريري، لكن رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط كان على دراية واسعة بعقلية هذا الفريق الذي اختبره منذ منتصف ثمانينات القرن الماضي وتنبّأ به علناً في توصيفه "التسونامي" الذي سيأتي من خلال صفقة مشؤومة مع نظام الوصاية لتنفيذ مأربه بـ "القصاص" ممن تصدوا أو ينوون التصدي له ولأزلامه أو يعارض فكرهم الموبوء، لكن .. "فشرتو".

عندما أعلن جنبلاط قبيل الانتخابات النيابية الأخيرة أن الهدف من قانون "أغدر بأخيك" هو محاصرته ومحاصرة المختارة، اتهموه بالشعبوية واختراع الحجج الواهية لتأكيد حضوره النيابي، لكنهم مضوا فيه ولم يحققوا غايتهم بتحجيم جنبلاط و"فشرتو".

وإذا كان هدفهم منذ العام 1989 بعد حروب الالغاء والتحرير، إلغاء وثيقة الوفاق الوطني "الطائف" الذي وكما قال جنبلاط صاغه رفيق الحريري، فـ "فشرتو"، بل نطالب بتطبيقه بالكامل وليس استنسابياً ويبدأ ذلك بصياغة قانون انتخابي عصري حديث خارج القيد الطائفي وإنشاء مجلس للشيوخ يراعي "هواجسهم" وهواجس الملل الأخرى، وغير ذلك "فشرتو".

وإذا كانت فزاعة التوطين التي يلوحون بها، فالدستور اللبناني واضح ونصّ صراحة على رفض التوطين، لكن الدستور أصبح وجهة نظر يفسّره منظرهم الجرصة على هواه بما يلائمهم، وخطتهم المضي في تحويل النظام السياسي اللبناني نحو "التوطين المبطن" عبر تعزيز اللامركزية المالية، فلهذا نقول لا وألف لا، و"فشرتو" أيضاً.

أما إذا كان المطلوب اغتيال لبنان الكبير عشية الاحتفال بمئويته و"استعادة" الأقضية الحدودية لتكون المتممة للتقسيم الذي يلوح في أفق سوريا فـ "فشرتو".

أما عن الإفلاس الذي يبشرون باقترابه، فلن نبقى رهن تطبيق سياسات الاصلاح والتغيير الذي يرفعون شعاره بالمفرق ووفقاً لمصالحهم، "فشرتو"، بل إن الاصلاح الحقيقي هو ما نادى به البرنامج المرحلي للحركة الوطنية الذي صاغه المعلم الشهيد كمال جنبلاط، واستتبع بالورقة الاقتصادية والاجتماعية التي قدمها اللقاء الديموقراطي، وسنواجههم به بكل عزم وتصميم.

لنا تاريخ مشرف نعتزّ به وحملنا لواء العروبة وقضية فلسطين ودفعنا ثمنها أغلى الأثمان، لن نكون لقمة سائغة في وجه من يحاول اغتيال العروبة وتغيير وجهة لبنان، "فشرتو".

هذا غيض من فيض، لكن وللمرة الأخيرة "فشرتو"، لن يكون لبنان كما تريدون ولن يمكنكم تحقيق مآربكم، وتذكروا أننا في بلد أثبت المسار التاريخي أنه لا يمكن لفريق إلغاء فريق آخر والشواهد كثيرة، عودوا إلى رشدكم وخففوا من غيّكم كي لا تصبح "فشرتو" لازمة دائمة لمساركم.