Advertise here

قرارات السلطة تعكس تخبطها... وإيران أول الفاتحين للعهد الحكومي

17 شباط 2020 05:35:00 - آخر تحديث: 17 شباط 2020 10:41:45

بعد أسبوع على نيل الحكومة الثقة، لا مؤشرات حتى الساعة بأنها حسمت خيارها بوضع الإصبع على الجرح تمهيداً للشروع بمعالجة الأزمة الاقتصادية، والتي تحوّلت الى أزمات متلاحقة، من أزمة الارتفاع الجنوني في سعر صرف الدولار، الى أزمة جديدة تمثلت أمس بقرار شركة طيران الشرق الأوسط "ميدل إيست"، وشركات السفر، بيع التذاكر بالدولار حصراً، ما استدعى، وبعد ردة الفعل الشعبية الرافضة، عودة الشركة عن قرارها بتدخلٍ من رئيس الحكومة حسان دياب؛ مع تسجيل فضيحة في خلفيات القرار تمثلت في التضارب الواضح بين تأكيد نقابة أصحاب مكاتب وشركات السياحة والسفر على دور رئيس الجمهورية ميشال عون في القرار، وبين مزايدات التيار الوطني الحر في رفضه.

في غضون ذلك أقرّ الأمين العام لحزب الله، السيّد حسن نصرالله، بثقل الأزمة المالية والاقتصادية وتداعياتها على المواطنين، وبعجز الحكومة وفريقه السياسي عن معالجتها؛ داعياً إلى تشكيل لجنة من الموالاة والمعارضة لإنقاذ الوضع الاقتصادي من الانهيار، والطلب من الجميع مساعدة الحكومة، وذلك بالتزامن مع وصول رئيس مجلس الشورى الإيراني، علي لاريجاني، إلى لبنان على رأس وفد نيابي في زيارة لافتة. والسبب المعلن تقديم هو التهاني للحكومة الجديدة، وإجراء مشاورات مع الرؤساء الثلاثة؛ ثم عقد لقاءٍ يجمعه بعددٍ من الشخصيات اللبنانية والفلسطينية الدائرة في الفلك الإيراني، بالإضافة طبعاً إلى لقائه المرتقب مع نصرالله.

وصول لاريجاني إلى بيروت تزامن أيضاً مع زيارة وفد من صندوق النقد الدولي للقاء المسؤولين اللبنانيين من أجل التباحث معهم في موضوع تسديد مستحقات لبنان في "يوروبوندز" في التاسع من أذار، وإمكانية جدولة هذه الديون أو تقسيطها. هذا في حين يؤكد خبراء اقتصاديون لـ"الأنباء" أن، "لا حل للأزمة الاقتصادية إلا بالتخلّص من نظام المحاصصة، وتطبيق الحد الأدنى من مبدأ النأي بالنفس، لأن الاقتصاد اللبناني مكشوف على أزمات المنطقة وخاصة الأزمة السورية وتوقّف الصادرات إلى الدول العربية".

وفي هذا السياق، اعتبر عضو كتلة "التنمية والتحرير" النائب ميشال موسى في حديثٍ مع "الأنباء" أن الأزمة الاقتصادية، "عميقة وليست طارئة، وهي نتيجة لتراكمات طويلة، ولا يمكن أن تُحل بكبسة زر". وقال، "المطلوب اليوم وقف الانهيار لتبني الحكومة على هذا الموقف، فهي لا تستطيع أن تحلّ الأزمة بهذه السرعة، ولكن توجد مؤشّرات لتصحيح العلاقة بين المصارف والمواطنين بما يريحهم، والتي يجب أن تكون عاملاً مساهماً لتنشيط الحل، لأن هناك تداعيات كثيرة تفرض معالجاتها قبل تفاقمها".

وعن الموقف من قرار بيع بطاقات السفر بالدولار ومن ثم الرجوع عنه، رأى موسى أنه، "في ظلّ هذه الأزمة المستفحلة فإن كل فريق يفكّر في قطاعه، وربما وجد هذا القطاع نفسه أمام واقعٍ غير عادي أجبره على هذه الخطوة. لكن حسناً فعلت الشركة لأنها تراجعت عن القرار قبل أن يتحوّل إلى أزمة، كما حال باقي الأزمات".

وأضاف موسى: "البلد يمرّ بظرفٍ صعب، ولا بد من اتخاذ إجراءات إنقاذية قد تكون مؤلمة بعض الشيء، ولكن في نهاية المطاف لا بد منها". وعن مطالبة نصرالله بتشكيل لجنةٍ من الموالاة والمعارضة لإنقاذ البلد من الانهيار. وتمنّى موسى أن، "تُشكّل هذه اللجنة بأسرع وقتٍ ممكن، لأننا كلنا في مركبٍ واحد. واذا غرق المركب غرق الجميع"، متمنياً، "تحييد الخلافات السياسية عن الأزمة الاقتصادية التي يجب أن تأخذ مسارها في توحيد المساحة لإراحة المواطنين، فالأزمة التي نعيشها تعني كل الناس، والحل يتطلب جهوداً من الجميع".

مصدرٌ في "القوات اللبنانية" أمل عبر "الأنباء" أن، "لا تكون الأزمات الاقتصادية المتلاحقة، وارتفاع سعر الدولار، وما جرى في موضوع بطاقات السفر، مقدمة للإجراءات الموجعة التي لوّحت الحكومة بها"، متمنياً أيضا أن لا تطال الطبقات الفقيرة.

وفي تعليقه على كلام نصرالله، قال مصدر "القوات" إنه، "لو التزم حزب الله بمبدأ النأي بالنفس لما كنا وصلنا إلى ما نحن فيه اليوم. فكل حكومات الوحدة الوطنية تشكّلت تحت هذا العنوان، فماذا كانت النتيجة؟ هل توقف مزراب الهدر؟ بالطبع لم يتوقف لأنه كانت هناك سياسة تقوم على نهب المال العام. والمضحك المبكي هو أن سالِبي المال العام أصبحوا يحاضرون بالعفة".

مصادر تيار "المردة" أكّدت لـ"الأنباء" أنها، "مع أي مبادرة لإنقاذ الوضع الاقتصادي من الانهيار، أكان عبر لجنة تتشكّل من الموالاة والمعارضة، كما يطالب السيّد نصرالله، أو من خلال خطوات تتخذها الحكومة، فالمهم هو وقف التدهور، ووضع حدٍ لارتفاع سعر الدولار، وعدم تفاقم الأزمة".

من جهته، القيادي في تيار المستقبل، مصطفى علوش، أكّد في حديثٍ لـ"الأنباء" عدم وجود سيولة لدى مصرف لبنان ولدى المصارف تكفي ليكون هناك رؤية اقتصادية لتطبيقها. ولا توجد معطيات تؤكد أن مالية الدولة بخير، كما أن الدول التي قد تساعد لبنان لم ترد منها حتى الساعة إشارات إيجابية بهذا الخصوص، وهذا يعني أن الأزمة تتفاقم ولا قدرة للحكومة على المعالجة.

علّوش رأى أن، "اللجنة التي يطالب بها نصرالله كانت موجودة عبر الحكومة السابقة، فلماذا لم يبادر إلى الإنقاذ قبل وصول البلد إلى الانهيار؟ وإذا كان جاداً بالفعل في هذا المطلب، فعليه أن يسحب الثقة من الحكومة، ويبادر إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية، ولا حلّ غير ذلك".

وعن استعداد الرئيس سعد الحريري للقيام بجولة على الدولة القادرة على مساعدة لبنان، أوضح علوش أن الحريري لا يمكنه القيام بشيء إلّا بتكليفٍ رسمي من رئيس الجمهورية والحكومة. كما لم يتوقّع علّوش لقاءً قريباً قد يجمع الحريري والرئيس ميشال عون بسبب تصرفات الحاكم بأمره، جبران باسيل، "فلا عون قادرٌ على التحرّر من باسيل، ولا باسيل قادرٌ على الخروج من الهزيمة، وكل المؤشرات تنذر بالأسوأ، والأزمة لم تبدأ بعد".