Advertise here

الانهيار أو عدالة غب الطلب

15 شباط 2020 15:35:00 - آخر تحديث: 20 تموز 2020 15:54:33

محزنة، لا بل مخزية هي عدالة غب الطلب الشمطاء التي امتهنوا إشهارها أمام لوحة السواد التي حاكوا خطوطها على أنقاض ألوان وطن الأمل والرجاء... عند آخر فصول مسلسل حصادهم الطويل دقوا نواقيس الهلاك وامتطوا منصاتهم الإعلامية مطلقين أبواقهم لدعوات النفير العام، فقد آن أوان "تقاسم الأعباء و توزيع الخسائر"....

بعناية "جراحية" فَرَدوا عدّتهم وأمكنوا مباضعهم ومقصاتهم إمعاناً وتنكيلاً في الجسد النحيل المريض المسجى أمامهم... أرغمتهم "إنسانيتهم" المفرطة و"أخلاقهم" المهينة على بذل قصارى جهدهم لإنقاذ البدن المتهالك من "عدالة السماء"... فلفوا حبائل أمله المتبقية حول عنقه إنفاذاً لحكم عدالتهم... أفلتوا العنان لقوافل "مخربينهم" الماليين والاقتصاديين، مبشرين مَنْ تجَّرع الأنين تحت وطأة حكم مآسيهم بمستقبل تصحيحي إصلاحي مشرق لا يفصل السقيم العليل المنهك عنه سوى شرط واحد بسيط: تصديقه بالرضى و القبول على "إعدامهم الرحيم"...

فبعدما أضحى البلد الذي تمايز عن محيطه بطغيان طبقته المتوسطة، مرتعاً من أسوأ دول العالم عدالة في توزيع الثروة، وبعدما صدحت حناجر "حماة الهيكل" الريعي وبُحت وهي تحاول جاهدة ذر الرماد في العيون بمحاولاتها اليائسة البالئسة تحميل مسؤولية الانهيار لسلسلة رتب ورواتب او لمتقاعد مقهور أفنى حياته في الخدمة العامة ونجح بعد محاولات فاشلة عدة "بانتزاع" حقه بثلاثمئة دولار من النقد خبأها تحسباً من سواد الآتي مما تبقى له من أيام،

وبعدما أمعنوا تخريباً في النسيج الاجتماعي من خلال فرادتهم في فرض أسوأ وأبشع نظام ضريبي في العالم يحمل جل الأعباء لذوي الدخل المحدود والمتوسط من خلال ضرائب غير مباشرة ناهزت نسبتها 70% من الإيرادات الضريبية وأعفت ذوي الثروات والمداخيل المرتفعة من المساهمة في إعادة توزيع عادل للثروة،

وبعدما تعالت أصواتهم مؤخراُ مهللين لإلغاء الدعم عن البنزين و عن تعرفة من "بعض الكهرباء" التي عاثوا فيها فساداً وإفساداً حتى باتت بضع سويعات خجولة مصحوبة بنسبٍ من الأعلى عالمياً من هدر تقني وغير تقني،

وبعدما تراءت لهم بشائر زيادة في ضريبة على قيمة مضافة قد تؤمن لهم ايراداتها المضي في "هندساتهم التخريبية"،

وبعدما أمعنوا في إذلال العباد ورصهم في طوابير الإهانة طلباً لفتاة من مدخرات أفنوا سنين حياتهم في تحصيلها، فأوصدوا لهم الأبواب ودحروهم خائبين مخفقين بذريعة تقييد (استنسابي) لحركة الأموال،

وبعدما وقفوا سداً منيعاً أمام محاولات حقيقية لتحفيز القطاعات الإنتاجية وإصلاح النظام الضريبي وفرض ضريبة موحدة تصاعدية تتضمن الأرباح المحققة من التوظيفات و طالفوائد المصرفية، ومانعوا تطبيق أي ضريبة تطال أي شكل من أشكال الثروة،

ها هم اليوم، و قبل أفول نموذجهم الاقتصادي الى غير رجعة، يستبسلون في محاولاتهم الرامية إلى إحياء رميمه، فتتجلى إبداعاتهم بابتكار تعابير تظللها هالات من الحرص العام ونقاوة الإصلاح... 

لا، لن تنطلي محاولاتكم بعد اليوم... فقد سبق وتكبدنا اعباءكم وتحملنا ما انتجتموه من خسائر.