Advertise here

رسائل سياسية بغطاءٍ ثوري

07 شباط 2020 08:00:00 - آخر تحديث: 07 شباط 2020 13:43:34

ليس غريباً أن يتعرض أي طرفٍ سياسي لاتهامات من قِبل أفراد أو جماعات، خاصةً بعد انتفاضة 17 تشرين والتي عمّمت، دون تمييزٍ أو تدقيق، شعاراً أساسياً هو محاربة الفساد ومحاسبة الفاسدين، أياً كانت انتماءاتهم السياسية والطائفية. وهو ما لحق بطبيعة الحال بالحزب التقدمي الاشتراكي، كما غيره من القوى التي كانت جزءاً من الحكومات بعد الطائف. لكن المستغرب في الأمر أولئك الذين تظللوا بالانتفاضة لتحقيق مطامع سياسية وتصفية حسابات مع الاشتراكي دون غيره. 

وعلى هذا الصعيد، نستذكر محطات وليد جنبلاط مع الانتفاضة التي انطلقت شرارتها من رحم حزبه في 14 تشرين الأول، حيث كان له تصريح: "سيرحل بكم نهر الشعب". فجنبلاط كان يدرك أن قيامة الشعب آتية، وقد حذّر  كثيراً ودعا كل الأفرقاء إلى تغيير ممارساتهم. 

أما وبعد أن تلقّف وليد جنبلاط شعارات الشارع بصدرٍ رحب، وأخذ المسار العملي معها بعيداً عن ضجيج الإعلام، وتبنّى مرشّح الحراك لرئاسة الحكومة، ثم انتقل إلى صفوف المعارضة رافضاً المشاركة في الحكومة رغم كل الضغوطات السياسية والإغراءات، إذا صح التعبير، مؤكداً على مرجعية القضاء المستقل في ملاحقة من يثبت تورطه بالفساد؛ وهذا ما أثار كل ذلك الغضب من بعض القوى السياسية التي قرّرت مواجهته بكل السبل، في محاولةٍ منها لإضعاف موقفه الوطني، وإخضاعه لشروط اللعبة السياسية الجديدة، والمعارِضة لفكرة الثورة باعتبار أنها مسيّرة بغطاءٍ خارجي. فكان التصويب السياسي، والرسائل المبطّنة في الإعلام التي طالت الزعامة الجنبلاطية، لكنها لم تغيّر شيئاً في مواقف وليد جنبلاط الذي اعتبر أن الثورة أعطته فرصة استنهاض الفكر الأساسي لحزبه الذي يحمل إرث المعلم الشهيد كمال جنبلاط، وفرصة إعادة اللعبة الديمقراطية التي اغتيلت تحت شعار التآلف الوطني.

نجح وليد جنبلاط في فرض شروطه، وترك الساحة السياسية للأكثرية، وذهب باتجاه المعارضة البناءة، وهو ما جعل المواجهة تزداد وتيرتها، فتحولت من معركة رسائل سياسية وإعلامية، إلى رسائل سياسية مقنّعة بقناعٍ ثوري. وأولها كانت الحملة التي بدأ بها حسن مقلّد على وليد جنبلاط والنائب وائل أبو فاعور والتي  تبيّن أن لا مضمون في كلامها، بل هي تحريفٌ للحقائق؛ وهي لن تنتهي بما قدّمه المحامي واصف الحركة الذي أجمع كثيرون أنه يمضي بخطى ممنهجة لتحريف مسار الثورة.
وبين الثورة النظيفة وبين متسلقيها، يبقى القضاء سيّد الموقف. لكن على الثورة واجب رصّ صفوفها وتنظيفها من رواسب  المتسلقين عليها، وإعادة تصويب بوصلتها باتّجاهها الصحي والصحيح للعبور فوق أطماع البعض إلى الأهداف التي يلتقي عليها شعب لبنان بكل أطيافه.

 

الآراء الواردة في هذه الصفحة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جريدة الأنباء التي لا تتحمل مسؤولية ما تتضمنه.