Advertise here

جعجع: البيان الوزاري فضيحة

07 شباط 2020 13:33:00 - آخر تحديث: 07 شباط 2020 20:07:03

اعتبر رئيس حزب القوات اللبنانية، سمير جعجع، أن البيان الوزاري لحكومة "مواجهة التحديات"، يقع خارج الزمان والمكان، ويمثّل فشلاً ذريعاً. إنه بيانٌ فضفاض، يصلح موضوع إنشاء لطلاب صفٍ ابتدائي، لكنه يحظى بعلامة 3 على 10. إنها حقاً المفاجأة الثانية من حكومة الرئيس حسان دياب، بعد تبنّيها موازنةً لا تعرف عنها شيئاً لمواجهة مرحلة استثنائية بالغة الدقة، موضوعٌ فيها مصير البلاد على المحك، وتتطلب في الحد الأدنى موازنة على قدر خطورتها، يقول جعجع في حديثٍ لـ"المركزية". لكن مفاجأة البيان الوزاري يضاهيها في تجاهل الواقع الذي اثبتت بأنها ليست على تماس معه، وكأن الحكومة تعيش في زمن الستينيات، أو منتصف التسعينيات، حينما كان النمو في أحسن حال، والبلاد بألف خير.

إنه المضحك المبكي، يضيف جعجع. كانت لدينا الرغبة الحقيقية في إعطاء هذه الحكومة فرصةً للإنقاذ. فالوضع الخطير لا يحتمل المناكفات وتسجيل النقاط بين القوى السياسية، غير أن ما خرجت به الحكومة، والتي يبدو أن العدوى أصابتها في بيانها، قطع الطريق على أي أمل بالإنقاذ؛ فهي لم تعالج مكمنَي الخلل الأساسيين اللذين يعرفهما، ليس اللبنانيون فحسب، إنما العالم بأجمعه: النقص الحاد في السيولة، والاقتصاد المنهار نتيجة الأزمة. كان يمكن للحكومة أن تضع خطةً إنقاذية لهذا الوضع، وأن تمر على سائر المواضيع والقضايا، على أهميتها، غير أنها عالجت سائر الملفات الأقل أهمية، ومرّت مرور الكرام على الأساس، وكأنها الطبيب الذي يصف دواءً لمريضٍ ينزف، يعالج كل شيء إلّا النزف.

شعاراتٌ وعناوين فضفاضة تطرقت إليها الحكومة في بيانها ولا ترقى إلى مستوى المرحلة. غاصت الحكومة في ما ليس الزمان زمانه، فهي في موضوع النفط، على سبيل المثال، تريد، "العمل على تعزيز القوات البحرية والبرية"... فأي تعزيزٍ وأي عمل، وهي لا تضمن أنها ستتمكن من دفع رواتب هذه القوات. وتريد أيضاً العمل على إنشاء وتنفيذ مؤسّسة "الإنسان للتلاقي والحوار"، وإعادة النظر في قصور العدل و...و...الخ. مشكورةٌ الحكومة على مساعيها وآمالها، ولكن.... "مرتا، مرتا. تهتمّين بأمورٍ كثيرة، والمطلوب واحد".

إنها النكسة الكبرى والفضيحة، يؤكد جعجع في تبنّي خطة الكهرباء التي أعدّتها حكومة "إلى العمل" وسابقاتها، وتالياً النهج ذاته الذي أبقى الكهرباء من دون حل على مدى عشر سنوات، وشريان النزف الأساسي للمالية العامة مفتوحٌ ويكلّف الدولة سنوياً ما بين مليار ونصف ومليارَي دولار، علماً أن أهم خطة حقيقية للمعالجة لا تتعدى العامين. وما جرى من نقاش بين الوزيرين التابعَين لرئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس التيار الوطني الحر، داخل جلسة الحكومة يُثبت، من دون أدنى شك، أن شيئاً لم يتغيّر في طريقة التعاطي الحكومي.

أما ما ورد في ما يتصل بعودة النازحين عبر المبادرة الروسية فهو المزح بعينه. ألم يعرف هؤلاء أن الروس أنفسهم نسوا المبادرة حتى تتبناها في بيان حكومة الإنقاذ. وليس ما تضمّنه البيان بالنسبة إلى قانون الانتخاب أفضل حالاً، إذ يمكن اعتباره استخفافاً بعقول الناس المدركة تماماً أن إعادة فتح ملف قانون الانتخاب تعني قذف الانتخابات سنوات.

أما في السياسة، فيعتبر رئيس حزب القوات اللبنانية أن ثمة إجماعاً على أن لبنان في أمسِّ الحاجة إلى السيولة، وأسرع مصادرها إما دول الخليج، أو أوروبا والولايات المتحدة الأميركية، أو حتى صندوق النقد الدولي. فهل ببيانٍ كالذي صدر - مستعيداً فقرة المقاومة من البيان السابق، مضافاً إليها كلمة المواطنات، سيستعيدون ثقةً دولية تفتح طريق المساعدات الفورية - بدل أن يخصّصوا فقرة كاملة تؤكد وجوب حصر القرار الاستراتيجي في يد الدولة، وأخرى أكثر وضوحاً في شأن كيفية التزام سياسة النأي بالنفس فعلاً، ودعوة القوى التي تخرقها للعودة إلى الداخل، وقد مرّ البيان على هذه الفقرة مرور الكرام، حتى أنها تحتاج إلى منجّم مغربي لفك شيفراتها؟

وإذ يؤكّد جعجع مشاركة نواب "الجمهورية القوية" في جلسة الثقة انطلاقاً من دستوريتها خلافاً لجلسة الموازنة، يوضح أن هذه المشاركة تشكّل تكاملاً مع تحرّك الثورة خارج المجلس لإيصال الصوت من الداخل، وأن هذه الحكومة لا تستأهل الثقة، وثمة الكثير من الكلام في السياسة يجب أن يُقال لتصل الصرخة.

14 آذار؟ مشاركة "الحكيم" في ذكرى 14 شباط ما زالت قيد الدرس، كما يؤكد، والاتصالات مع تيار المستقبل قائمةً بالحد الادنى. أما عودة الحياة إلى شرايين قوى 14 آذار، بعدما باتت كلها في المقلب المعارض، فتحتاج إلى إعادة بناء على أسس جديدة، وواضحة، ومتينة، وعملية، لتؤتي ثمارها وتنطلق بزخم؛ لأن هذا المثلث - الذي قام على حدثٍ جلل، وهو اغتيال الرئيس رفيق الحريري - ومن دون أسسٍ واضحة، أوصل إلى ما وصلنا إليه بما تخلّل هذا الدرب من كبوات.