Advertise here

متى يصبح اللبنانيون مواطنين لا رعايا طوائف؟

02 تشرين الثاني 2018 08:20:00 - آخر تحديث: 14 تشرين الثاني 2018 20:04:47

صحيح أن لبنان دولة ديمقراطية وفيها المساحة الأرحب بين دول المنطقة للحرية الدينية وحرية المعتقد، إلا أن هذا الحق الذي يكفله الدستور لا يعني أبداً أن يتحول لبنان إلى مجموعة قبائل مذهبية متقاتلة ومتناحرة لا تجمعها إلا الجغرافيا.

فعلى مدى سنوات خلت، تمادت الدولة اللبنانية بتكريس حكم الطوائف، حتى بات لكل طائفة كيانها المستقل في مدارسها وجامعاتها ومستشفياتها ووسائل إعلامها وغيرها، وبات كلٌّ منها بغنى عن الدولة كمرجعية وطنية وحيدة لجميع أبنائها.

وجاءت الانتخابات النيابية الأخيرة لتعيد النبض المذهبي ليتحكم بالنفوس وبخيارات اللبنانيين في صناديق الاقتراع، فتحولت النسبية برعاية الصوت التفضيلي إلى “قانون أرثوذكسي” مقنّع، تنتخب من خلاله كل طائفة نوابها، في حين أن النسبية هي أرقى بكثير من ذلك وأكثر عدالة كما نادى بها الشهيد كمال جنبلاط منذ 40 عاماً.

وما الممارسة السياسية طوال السنوات الأخيرة، سوى دليل إضافي على تغلغل الطائفية في كل التفاصيل اللبنانية وصولاً إلى الإدارة، فمئات الناجحين في مجلس الخدمة المدنية لا يزالون ينتظرون مراسيمهم، فقط لأن التوازن الطائفي غير متوفر في دوراتهم.

ولو لم يستشرِ هذا الواقع المقيت، والذي تسببت به قوى وازنة في البلد رفعت شعارات طائفية تحت راية تحصيل الحقوق، لما وُجد مستوى الخطاب الذي وصلنا إليه، وأحد أوجهه ما صدر عن الإعلامية سكارليت حداد بحق طائفة الموحدين الدروز واعتذارها لاحقاً، فيما لم تكن ردة الفعل أقل وطأة من كلامها، ما اضطر رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط إلى التدخل واضعاً حداً للسجال الحاصل.

فالقضية باتت أبعد من تصريح لإعلامية وردود فعل عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فأخطر ما في المشهد اللبناني اليوم، أن اللبنانيين لم يعودوا مواطنين، إنما مجرد رعايا طوائف.

فمتى يصبحون مواطنين؟