Advertise here

مرافعة الضمير العربي

03 شباط 2020 21:28:31

الصفعة تلوَ الصفعة، والصفقة تلوَ الصفقة، والهزيمة تلاحقنا كأنما كُتب علينا أن نحيا والذلّ رفيقنا. وأنظمتنا تحكمنا بالحديد والنار، وتُمعن بتجويعنا، وتحرمنا من خيرات أمتنا العربية لصالح ما رسّخوه في عقولنا بأنهم يتحضرون لحرب التحرير، واستعادة الحق المنهوب، فلسطين العربية.

منذ العام 1948، والشعوب العربية تعيش الكذبة تلوَ الكذبة، حتى أننا أدمنّا الخيبةَ والحسرة، وتمسّحنا، وفقدنا النخوة، وضِعنا بين الصفعة، والصفقة، والمذبحة، والمجزرة، والعدو المغتصِب، والحاكم المتصدي، والنظام الصامد، والممانِع، والقامِع، والقاتل، والبائِع والمساوِم. وتحت شعار تحرير فلسطين حرّروا إنساننا العربي من الحرية، والديمقراطية، والإنسانية، عندما افتعلوا ما لم يفعله العدو به.

ويبقى السؤال، هل فاجأتكم صفقة القرن؟؟؟

ماذا فعلتم لإسقاطها؟؟ عمّقتم الانقسامات بين شعوب أمتنا، وتقاتلتم، وتناحرتم، وهمّكم الوحيد المحافظة على أنظمتكم التي جاءت إما بالانقلابات الدموية، أو بالانتخابات معروفة النتائج مسبقاً. ماذا أنجزتم للتصدي لها؟؟؟ المزيد من اللّاجئين النازحين، والمبعَدين، والمنفيين، حتى باتَ عرب الشتات أكثر عدداً من الذين يعيشون ضمن أسوار دوَلكم، ونصفهم من الحاشية والأتباع، والنصف الآخر بين مسجونٍ ومقموع.

ماذا قدّمتم لفلسطين؟ ضربتم منظمة التحرير، فتح، والحركة الوطنية اللبنانية باغتيال المعلّم كمال جنبلاط، وقسّمتم فتح  إلى فصائل تقاتل بعضها بعضاً، وسخّرتم القضية الفلسطينية لخدمة مصالحكم ومواقعكم الإقليمية والدولية.

رحمَ الله جمال عبدالناصر، والمعلّم الشهيد كمال جنبلاط، والقائد الرمز ياسر عرفات. هم الذين شربوا سمّ عروبتكم حتى الثمالة. فالأول خذلتموه، والثاني اغتلتموه، والثالث اغتيل بالسّم أمام أعينكم، ولم تنجدوه. وهم الذين حملوا في وجدانهم قضية الحق. قضية فلسطين التي أرادوها حرّة تحاكي طموح شعبها وآماله بالعودة والنصر. أما أنتم فمرةً  تريدونها بعثيّة، ومرةً تريدونها إسلامية، إلى أن فاضت بكم رياح التّبعية فأردتموها زائلةً لا وجود لها إلّا بمقدار ما أرادتها صفقة القرن.
والممانعون الرافضون لها يرونها فارسية، وتحت شعارها يرسمون طريق التحرير من إيران، إلى العراق، إلى سوريا، إلى لبنان وهمّهم واحدٌ: تسوية حسابات إقليمية، والقضية التي تعنوِنون بها شعارات جهادكم ونضالكم قد ضاعت في تناقضات أنظمتكم إلى أن ضاعت القضية وأصبحت فلسطين منسيّة.

لكن لا..

فلسطين ستبقى في ضمير الشعوب العربية القضية المركزية. ستبقى فلسطين للفلسطينيين  بزنود رجالها ونسائها وأطفالها، ما دام هناك حجرٌ في أرضها، وما دام هناك صوتٌ يدوّي باسمها، وما دام هناك أحرارٌ يسمعون صوت ضمائرهم، وما دام هناك قائدٌ يورّث لمن بعده كوفيّتها رغم تخاذلكم، ومبايعتكم، ومؤامراتكم عليها. وسيأتي يومٌ تقف فيه أنظمتكم في محكمة الشعوب، خرساء أذلاء، ولا تنطقون. والصوت الوحيد الذي يدوّي هو صوت مرافعة الشعوب. صوت مرافعة الضمير العربي.

الآراء الواردة في هذه الصفحة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جريدة الأنباء التي لا تتحمل مسؤولية ما تتضمنه