Advertise here

المواقف الدولية تلتقي وملاحظات جنبلاط... بوصلة السياسة اللبنانية

03 شباط 2020 13:07:03

رسالة أمير الكويت إلى رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي، وليد جنبلاط، وما تسرّب أيضاً من أخبار حول أسئلة روسية وجّهت إلى جنبلاط حول رؤيته للوضع في لبنان، والاستماع إلى نصائحه بشأن توفير المساعدات إلى الدولة اللبنانية، يثبت بما لا مجال للشك، أن وليد جنبلاط هو بوصلة العالم تجاه لبنان. وما هو معروف في الكواليس السياسية، أنه في عز الأزمات والتطورات السياسية، لا يتوقف هاتف جنبلاط عن الرنين لطلب مواعيد من قبل سفراء ومبعوثين دوليين. جميعهم يعلمون أن مرسى السياسة لديه، وأنه الميناء الذي يجب الانطلاق منه للإبحار في الأبعاد اللبنانية، سياسياً، اقتصادياً، واجتماعياً.

هذه ثابتة في مقاربات، ومذكرات، وكتابات، وإطلالات العديد من الديبلوماسيين العرب والأجانب الذين عملوا في لبنان، أو كانوا متابعين للشأن اللبناني. جميعهم يذكرون أن الرجل بمثابة البوصلة لقراءة السياسية اللبنانية وأبعاد تحولاتها. أولاً لشخصه وما يتمتع به من رؤى، وثانياً للدور الأساسي والتاريخي الذي لعبته، ولا تزال، المختارة في تاريخ لبنان القديم والحديث.

ينظر المسؤولون الأجانب إلى جنبلاط، كمرجعٍ لا بد من اللجوء إليه لفهم التفاصيل اللبنانية وسياقاتها، ليتحدد الموقف على أساسه. وعند كل مبادرة دولية أو إقليمية تجاه الملف اللبناني، كانت الدول المبادِرة تشاور جنبلاط لتحديد خطواتها، وهو الذي اضطلع في الكثير من المحطات بأدوار التوفيق بين اللبنانيين، على قاعدة الجمع، لحماية الدولة ومؤسساتها، ولطالما شدًد على أن الدولة هي الخيار الأول والوحيد بالنسبة إليه. هذه الفكرة الثابتة هي التي دفعته إلى القيام بجولة اتصالات سياسية محلية للبحث عن حلول للخروج من المأزق. وهو يثبت مراراً أنه لا يتعاطى بمنطق الضغينة، إنما بواقعية سياسية سقفها حماية الدولة ودستورها بالحد الأدنى، فلا يتوانى عن الانتقاد وتوجيه السهام بشكلها المباشر، مقابل تقديم النصائح وإعطاء فرص الاختبار للتعاطي مع الحكومة الحالية. 

وستكون الحكومة أمام مطبات سياسية اقتصادية كثيرة، وستتعثر إذا ما استمرّ تعاطيها بمنطق الازدراء بمطالب اللبنانيين، والغرق في حسابات سياسية انتقامية أو تجعل بعض القائمين عليها حالمين بفرض توازنات سياسية جديدة، تنمّ عن جهلهم بلبنان وتاريخه. وجهلهم قد يدفعهم إلى التورط أكثر بما يجلب الخراب للبلد، خاصة أنهم يختبئون خلف هذه الحكومة لإطلاق سهامهم السياسية ضد قوى سياسية تخاصمهم. استمرار هذا النهج السياسي لن يعود إلًا بمزيد من الحقد الذي سيأكل أصحابه. وهم الذين لم يقترفوا طيلة السنوات الماضية إلا آثام الفبركات والمعارك الواهية، فأوصلوا الناس إلى حدّ الاختناق والانفجار، وهو ما دفع بالمجتمع الدولي إلى إعلاء صوته رافضاً لهذه السياسات. واللافت أن جملة المواقف الدولية لم تفترق عن مواقف وملاحظات جنبلاط وانتقاداته للأداء السياسي العام، للحفاظ على ما تبقى من دولة في لبنان.