Advertise here

"معلومات مؤكدة" لدى بري حول الفتنة... وجنبلاط يهاجم عهد "جدران الانتقام"

31 كانون الثاني 2020 10:10:00 - آخر تحديث: 31 كانون الثاني 2020 13:32:11

لم تتفق التحليلات على تفسير متقارب للموقف الذي أعلنه رئيس المجلس النيابي، نبيه بري، بتحذيره من فتنة مذهبية لم يشأ الإفصاح عنها؛ وما إذا كانت سنية - شيعية، كما يتم الترويج في بعض وسائل الإعلام، أو مسيحية - مسيحية بين أفرقاء الصف الواحد؛ أو أنها بين الفريق الممانع ومن هم خارج هذا الفلك. وكان اللافت دعوته أنصار حركة أمل للخروج من الشارع تحت طائلة المسؤولية، فيما النصيحة الأبرز كانت إلى شباب الانتفاضة بضرورة الانتباه، وعدم تحويل الحراك إلى محوّل لهذه الفتنة وتوخّي الوقوع فيها.

وإذا كان ثمّة من اعتبر أن ما حصل في محيط المجلس النيابي والطرقات المؤدية إليه، وما رافق ذلك من أعمال شغب وتكسير، وتعدٍ على الممتلكات العامة والخاصة، وأعاد إلى الأذهان صورة المشهد الذي سبق الحرب الأهلية التي دامت 15 عاماً، وما زال اللبنانيون يعيشون نتائجها إلى اليوم؛ فإن  البعض الآخر فسّر كلام بري على أنه نتيجة لما جرى من تضاربٍ أمام مجلس الجنوب، ومشاركة كوادر من حركة أمل بالاعتداء على المتظاهرين.

إلّا أن هناك رأيٌ ثالثٌ يقول إن تحذير بري جاء بعد قراءةٍ متأنية لما جرى في جلسة التصويت على الموازنة العامة وتخلُّف عدد لا بأس به من النواب المحسوبين على الثنائي الشيعي، وحلفائه في اللقاء التشاوري والتيار الوطني الحر وتيار المردة، عن الحضور ما يوحي بوجود خطة كانت لتعطيل النصاب، ونسف الجلسة تحت مسمى ضغط الشارع، للإيقاع بين أنصار بري والحراك الذي عمل جاهداً طيلة ذلك النهار لعدم وصول النواب إلى المجلس. لكن الحراك لم يفلح تماماً في ذلك، نتيجة التدابير التي اتخذها الجيش والقوى الامنية، وهو ما دفع الرئيس بري إلى طلب المساعدة من الرئيس سعد الحريري، ورئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، لمشاركة نوابهم في الجلسة وتأمين النصاب، وذلك كما أفادت مصادر مطلعة عبر "الأنباء".

وفي سياق التبريرات لتحذيرات بري، أوضح عضو كتلة التنمية والتحرير، النائب ياسين جابر، عبر "الأنباء" أن لدى رئيس المجلس "معلومات مؤكدة" تفيد بأن الفتنة قد تكون سنّية - شيعية وربما غير ذلك؛ ويجري التحضير لها لحرف الأمور عن مسارها الطبيعي، وأخذ البلد الى مكان آخر. وقال جابر: "لقد شاهدنا في الفترة الأخيرة الكثير من الاستفزازات وأعمال الشغب التي تنذر بانحراف الامور إلى ما لا تُحمد عقباه. وبري، حرصاً منه على عدم استدراج الفتنة، حذّر منها لقطع الطريق على المصطادين بالماء العكر، لأن ما شاهدناه الأسبوع الفائت يؤكد أن البلد يعيش وسط المخاطر، واستمرار الأمور على هذا النحو سيجعل البلد عرضةً للسقوط والانجرار نحو الفتنة".

وأضاف جابر: "من هنا كانت دعوة بري للحراك إلى ضرورة توخي الحذر، والانتباه إلى المندسين الذين نجحوا في الأيام الماضية في اختراق صفوفه، وقاموا بكسر وخلع كل ما وقعت عليه أيديهم حتى أنهم اقتلعوا بلاط الأرصفة والأبنية، وخلعوا الأبواب وأجهزة الصراف الآلي من أمام المصارف؛ بما يؤشر إلى أن هناك جهة ما تقف وراءهم، وتمدّهم بالمال والمساعدات لإغراق البلاد في الفوضى، وإعادة عقارب الساعة إلى الوراء". وأشار جابر إلى أنه أعطى للرئيس بري، ولنواب لقاء الأربعاء، تصوراً حول اندلاع الحرب في العام 1975، والذي حصل بالطريقة نفسها التي يستخدمها بعض الثوار والمندسّين اليوم، مذكّراً بإحراق المحال التجارية في باب ادريس، وساحة الشهداء، وسينما الريفولي، وغيرها من الأماكن التي استُخدمت فيما بعد مسرحاً للحرب الأهلية.

وفي الملف الحكومي، رأى جابر أن حكومة حسان دياب، "تبذل جهوداً حثيثةً لإنقاذ الوضع الاقتصادي" معتبراً أن، "التهجم عليها لم ينتهِ"، وطالب بإعطائها مهلةً لإثبات جدّيتها في العمل.

وحول ما تتناقله بعض وسائل الاعلام عن تدابير مشددة بدأ وزير الداخلية باتخاذها لمنع تفلّت الفوضى، أشار جابر إلى أن الوزير محمد فهمي، "من خيرة الأوادم، وقد خدم في الجيش اللبناني مع غيره من الضباط، ثم تسلم إمرة نزع الألغام في الجنوب، وهو ليس تابعاً لأحد. وما يُحكى عن علاقته مع هذا الفريق أو ذاك، أو مع أجهزة استخبارتية هو محض افتراء. وقد أثبت قدرته منذ اليوم الأول على حرف المتظاهرين عن مسارهم من دون "ضربة كف"، وليس له أية علاقة مشبوهة مع أية دولة، أكانت سوريا أو غيرها".

بالتزامن، كانت لافتةً تغريدة رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي، وليد جنبلاط، والتي قال فيها إنه، "لا أمل بعهدٍ يحيط نفسه بجدران الانتقام". وقد أوضحت مصادر اللقاء الديمقراطي عبر "الأنباء" أن التغريدة مردّها إلى، "الممارسات المتّبعة من قِبل العهد، وكأن البلد تحوّل إلى ساحة له ولأتباعه من خلال استباحتهم كل المرافق بالسمسرات والصفقات، ولا وجود للدولة ومؤسّساتها إلّا لما تصل إليه أيديهم. وهم لغاية الآن لا يعترفون بثورة، ولا ثوار، ولا حتى بفريق 14 آذار. ومنذ 3 سنوات وهم يعيثون بالبلد فساداً من دون حسيب ولا رقيب، وهم مستمرون بهذه السياسة بعدما تمكنوا من تشكيل حكومة تناسبهم، مسخّرين القضاء لخدمة مصالحهم".

وأشار المصدر في اللقاء الديمقراطي إلى أن كلام الوزير جبران باسيل بأن الثورة، "أصبحت وراءهم"، واستعدادهم لمحاسبة كل من تعرض لهم، فهو، "دليلٌ قاطعٌ على أنهم لم يغيّروا شيئاً من سياساتهم وأسلوبهم". 

وقالت المصادر نفسها: "كنا نأمل من حكومة حسان دياب أن تضع حدا لهذا العهر السياسي، وسرقة المال العام. لكن، وعلى ما يبدو فإن الأمور ذاهبة إلى الأسوأ". وأكّدت المصادر على أن "اللقاء" سيفضح كل شيء، و"لن يسكت عن أية مخالفة من قِبَل هذا الفريق الذي لم يرتدع عن مساره".

بدورها، ردّت مصادر التيار الوطني الحر عبر "الأنباء" على تغريدة جنبلاط، معتبرةً أن، "الحملات التي تُشن على العهد مردّها إلى الخوف من المحاسبة". وعن تحذير بري، أشارت مصادر "الوطني الحر" إلى أنها تشاطره هواجسه في ظل الإعلان عن "صفقة القرن" ومشاريع التوطين، "التي لا يُمكن أن تتم إلّا من خلال افتعال الفوضى والفتن. ولكن الجيش والقوى الأمنية بالمرصاد، وهي قادرة على إفشال كل ما يحاك من فتن ومؤامرات تستهدف لبنان". 

وبالتوازي مع كل هذه المعطيات والاجواء، أكدت مصادر من الحراك الشعبي عبر "الأنباء" أن "شعلة الثورة لن تنطفئ". ورفضت اتهام الحراك بالتخريب وإلحاق الضرر بمصالح الناس، و"إن كان هناك من مندسّين فهم من الأحزاب التي ترى أن الانتفاضة نجحت بسحب البساط من تحتها، والأيام المقبلة ستثبت للقاصي والداني بأن الانتفاضة مستمرة حتى تحقيق مطالبها".

على صعيد آخر، وفي ظل الأزمة المالية والاقتصادية المستمرة، فقد كان لافتاً تطمين حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، والذي أعلن أن "الفارق في سعر الصرف بين المصارف والصرّافين موقت؛ وما من Haircut، لا الآن ولا في المستقبل"؛ في حين تم تسجيل موقف دولي لافت حيث أعلن المتحدث باسم صندوق النقد الدولي أن لبنان، الذي يواجه أوضاعاً اقتصادية صعبة، لم يطلب خطة مساعدة مالية من المؤسّسة النقدية، وذلك لوضع حد للشائعات. وصرح جيري رايس خلال مؤتمرٍ صحافي، "لم تقدّم الحكومة اللبنانية طلباً للحصول على مساعدة مالية"، وأضاف، "لكننا نقدّم مساعدةً تقنية"، وأوضح أن الأمر يتعلق، مثلاً، بتقديم استشارات في مجال الخبرات الاقتصادية ودعم المؤسسات.